ويظن بعض الناس أن هذه الأمراض التي دخلت في كتب العقائد وفي عقول المسلمين من التكفير الظالم أو التبديع والتضليل -دون استناد على أدلة وبراهين صحيحة-مع نشر الأكاذيب على النبي (صلى الله عليه وسلم) إنما كان في الأزمنة المتأخرة فقط وهذا نتيجة لعدم الاطلاع على كتب المتخاصمين في القرن الثالث والرابع ففيها الكثير من هذا التكفير الظالم والتبديع والتفسيق وهي الكتب التي يتحاكم إليها العقائديون المعاصرون تاركين نصوص القرآن والسنة ومحتجين -بما لا حجة فيه- بأن (السلف الصالح!!) كانوا يكفرون ويفسقون ويضللون ويفحشون القول ويفتون بقتل مخالفيهم واستحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم000
اضطراب المصطلح:
ويقصدون بالسلف الصالح من كان على مذهبهم في الخصومات، فمن كان منهم فهو من السلف الصالح وإن كان كاذبا فاجرا ومن كان من غيرهم فهو من السلف الطالح!! وإن كان من أعبد الناس وأصدقهم، فضابط الصلاح عند كل فرقة من فرق المسلمين بلا استثناء هو المذهبية والتعصب لها لا غير، وليس الالتزام بأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه.
فسلف الحنابلة يختلف عن سلف الأحناف والشافعية والمالكية والظاهرية وسائر الأشاعرة وسلف هؤلاء يختلف عن سلف المعتزلة والشيعة وسلف هؤلاء يختلف عن سلف الإباضية والنواصب وهكذا أصبح المصطلح (مصطلح السلف الصالح) مصطلح عائم يدور مع المذهبية أينما كانت وليس مع الصلاح وأصبح هذا الصلاح يضبط بمعايير المذهبية وليس بالقرآن الكريم ولا بما صح من السنة النبوية فمن كان معنا فهو العالم الصالح الثقة الزاهد الحريص على دينه... الخ ومن خالفنا في اجتهاد فهو المشكوك في كلامه وفي نيته بل وفي دينه! وعلى هذا فهو الكذاب المتعصب المبتدع... الخ.
صفحه ۱۷