وقد استثني من الأولى وطء الجد جارية ابن ابنه وابنه حي، فإنه لا يثبت فيها النسب، وإن ادعاه الجد؛ لأن الجد لا يتملكها في حياة ابنه(1)، نعم؛ إن صدقه ابن الابن عتق الولد عليه(2) لزعمه أنه عمه. كذا حقق ابن الهمام في ((فتح القدير))(3). وغلط ما ذكر صاحب ((النهاية))(4) من ثبوت النسب في هذه الصورة.
والحاصل أن في أكثر مواضع الشبهة في الفعل لا يثبت النسب مطلقا وإن ادعاه، وفي صور الأولى أكثرها يثبت فيها النسب بعد الدعوة، وفي بعضها لا يثبت.
ولهذه الشبهة أيضا صور كثيرة:
- منها -
وطء أمة أبويه وإن علوا؛ فإنه ليس هناك دليل شرعي يورث شبهة الملك في المحل، لكن ما بين الإنسان وأبويه من الانبساط التام في الانتفاع بالأملاك مظنة أن يقع الاشتباه في حرمة هذا الفعل لأحد.
وكذا وطء أمة سيده وزوجته، فإن بين هؤلاء انبساطا في الاستخدام والاستمتاع، فلا يحد إذا ظن الحل؛ لأن المقام مقام اشتباه.
وكذا إذا قالت الجارية: ظننت أنه يحل لي، ولم يدع الرجل، سقط الحد عنهما في ظاهر الرواية؛ لأن الفعل واحد، فإذا سقط عنها سقط عنه أيضا.
بخلاف ما إذا وطئ جارية أخيه أو عمه أو غيرهما من المحارم سوى قرابة الولاد وقال: ظننت أنه حلال، فإن في هذه الصورة لا يسقط الحد؛ لعدم الانبساط الموجب للاشتباه.
ومثله وطء الجارية المستأجرة، والعارية، والوديعة، فإنه يحد فيها، وإن ادعى ظن حله، وأما المستعير للرهن وحكمه حكم المرتهن. كذا في ((البحر))(1)، وغيره(2).
فمجرد ادعاء الاشتباه غير معتبر، بل فيما كان الموضع موضع اشتباه.
- ومنها -
ما إذا زفت إليه غير زوجته، وقالت النساء: إنها زوجتك فوطئها يسقط عنه الحد بخلاف ما إذا وجد على فراشه امرأة فوطئها ظانا أنها زوجته فإنه يحد؛ لأنه لا اشتباه بعد طول الصحبة فلم يكن الظن فيه مستندا إلى دليل إذ قد ينام على فراشها غيرها من المحارم.
صفحه ۳۹