أعتقد أنه لا يوجد اختلاف في حكم الإمام زيد بن علي في شأن صيد الطير الجارح، وللمدقق في الأقوال يجد ذلك من خلال الآتي:
أولا: أوضح شارح (المجموع الحديثي والفقهي للإمام زيد بن علي) وهو العلامة السياغي في كتابه (الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير) أن ليس هناك قولين للإمام زيد بن علي في حكم قتيل الطير الجارح.
ثانيا: كان نص الإمام زيد بن علي في حكم صيد الطير الجارح بأنه لا يجوز أكله إذا توافر فيه شرطين:
أولهما: أن يكون الطير غير معلم.
ثانيهما: أن يموت قبل التذكية على يد الطير الجارح.
وبالتالي فمتى اختل شرط من هذين الشرطين؛ فالمنطق يقول أن أكله حلال؛ كما يأتي:
فلو تم تذكية الصيد قبل موته؛ لكان أكله حلال على حكم ما ذكرناه في الرواية الأولى.
ولو كان الطير معلم؛ لكان صيده حلال، ولو لم يتم تذكيته، وهو على ما جاء في الرواية الأخرى.
أخيرا: جعل الإمام زيد بن علي حكم قتيل الطير الجارح كحكم قتيل الكلب، واشترط في كليهما التعليم أو التذكية في صيدهما.
وبعد كل ذلك؛ فليس من المعقول أن نجعل للإمام زيد بن علي قولين في مسألة كهذه، وليس من المعقول أن نجعل في مذهبه حكما خاصا لصيد الطير الجارح، وهو قد جعل قوله واحدا في الكلب والطير، والله أعلم.
صفحه ۳۴