217

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

ناشر

مكتبة الكليات الأزهرية

محل انتشار

القاهرة

فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ النِّيَّاتِ عَلَى الطَّاعَاتِ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّاعَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطَّاعَاتِ، وَالطَّاعَاتُ أَقْسَامٌ: أَحَدُهُمَا: طَاعَةٌ مُتَّحِدَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَبْعَاضِهَا، مِثَالُهُ فِي الصِّيَامِ أَنْ يَنْوِيَ إمْسَاكَ السَّاعَةِ الْأُولَى وَحْدَهَا ثُمَّ يَنْوِيَ إمْسَاكَ السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ يُفْرِدُ كُلَّ إمْسَاكٍ بِنِيَّةٍ تَخْتَصُّ بِهَا إلَى آخِرِ النَّهَارِ، فَإِنَّ صَوْمَهُ لَا يَصِحُّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ فَرَّقَ نِيَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى أَرْكَانِهَا وَأَبْعَاضِهَا مِثْلُ أَنْ أَفْرَدَ التَّكْبِيرَ بِنِيَّةٍ وَالْقِيَامَ بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ وَالرُّكُوعَ ثَالِثَةٍ وَكَذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ مَا نَوَاهُ مِنْ هَذِهِ الْمُفْرَدَاتِ لَيْسَ بِجُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى حِيَالِهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: طَاعَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرِدَ أَبْعَاضَهُ بِالنِّيَّةِ وَأَنْ يَجْمَعَهُ فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى أَحَدِ جُزْئَيْ الْجُمْلَةِ فِي الْقِرَاءَةِ مِثْلُ أَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ فَاَلَّذِينَ آمَنُوا، فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُثَابُ إلَّا إذَا فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْجُمَلِ الْمُفِيدَةِ، إذْ لَا قِيمَةَ فِي الْإِتْيَانِ بِأَحَدِ جُزْئَيْ الْجُمْلَةِ وَجُمَلُ الْقُرْآنِ أَحَدُهَا مَا لَا يُذْكَرُ إلَّا قُرْآنًا كَقَوْلِهِ: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٥] فَهَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ ذِكْرًا لَيْسَ بِقُرْآنٍ كَقَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَهَذَا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْقِرَاءَةَ لِغَلَبَةِ الذِّكْرِ عَلَيْهِ.

1 / 219