Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
ناشر
مكتبة الكليات الأزهرية
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
اصول فقه
أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: الْآلَامُ وَأَسْبَابُهَا، وَالْغُمُومُ وَأَسْبَابُهَا، وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إلَى دُنْيَوِيَّةٍ وَأُخْرَوِيَّةٍ، فَأَمَّا لَذَّاتُ الدُّنْيَا وَأَسْبَابُهَا وَأَفْرَاحُهَا وَآلَامُهَا وَأَسْبَابُهَا، وَغُمُومُهَا وَأَسْبَابُهَا، فَمَعْلُومَةٌ بِالْعَادَاتِ، وَمِنْ أَفْضَلِ لَذَّاتِ الدُّنْيَا لَذَّاتُ الْمَعَارِفِ وَبَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَلَذَّاتُ بَعْضِ الْأَفْعَالِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَبْدَالِ، فَلَيْسَ مَنْ جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِهِ فِي الصَّلَاةِ كَمَنْ جُعِلَتْ الصَّلَاةُ شَاقَّةً عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مَنْ يَرْتَاحُ إلَى إيتَاءِ الزَّكَاةِ كَمَنْ يَبْذُلُهَا وَهُوَ كَارِهٌ لَهَا، وَأَمَّا لَذَّاتُ الْآخِرَةِ وَأَسْبَابُهَا وَأَفْرَاحُهَا وَأَسْبَابُهَا، وَآلَامُهَا وَأَسْبَابُهَا وَغُمُومُهَا وَأَسْبَابُهَا، فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ، وَالزَّجْرُ وَالتَّهْدِيدُ.
وَأَمَّا اللَّذَّاتُ فَمِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ﴾ [الزخرف: ٧١]، وَقَوْلِهِ: ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ - بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ﴾ [الصافات: ٤٥ - ٤٦] .
وَأَمَّا الْأَفْرَاحُ فَفِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ [الإنسان: ١١]، وَقَوْلِهِ: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [آل عمران: ١٧٠] .
وَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ: ﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾ [آل عمران: ١٧١] .
وَأَمَّا الْآلَامُ فَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٠]، وَقَوْلِهِ: ﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [إبراهيم: ١٧] .
وَأَمَّا الْغُمُومُ فَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا﴾ [الحج: ٢٢] .
[فَائِدَةٌ سَعَى النَّاسُ فِي جَانِبِ الْأَفْرَاحِ وَاللَّذَّاتِ وَفِي دَرْءِ الْغُمُومِ الْمُؤْلِمَاتِ]
(فَائِدَةٌ) سَعَى النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي جَانِبِ الْأَفْرَاحِ وَاللَّذَّاتِ وَفِي دَرْءِ الْغُمُومِ الْمُؤْلِمَاتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الْأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ فَالْأَعْلَى وَقَلِيلٌ مَا هُمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى طَلَبِ الْأَدْنَى، وَمِنْهُمْ السَّاعُونَ فِي الْمُتَوَسِّطَاتِ، وَالْقَدَرُ مِنْ وَرَاءِ سَعْيِ السَّعَادَةِ وَكُلٌّ مُتَسَبِّبٌ فِي مَطْلُوبِهِ. فَمِنْ بَيْنِ ظَافِرٍ وَخَائِبٍ وَمَغْلُوبٍ وَغَالِبٍ وَرَابِحٍ وَخَاسِرٍ وَمُتَمَكِّنٍ وَحَاسِرٍ، كُلُّهُمْ يَتَقَلَّبُونَ وَإِلَى الْقَضَاءِ يَنْقَلِبُونَ، فَمَنْ طَلَبَ لَذَّاتِ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ فِي الدُّنْيَا وَلَذَّةَ النَّظَرِ وَالْقُرْبِ فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ الطَّالِبِينَ، لِأَنَّ مَطْلُوبَهُ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ مَطْلُوبٍ، وَمَنْ طَلَبَ نَعِيمَ الْجِنَانِ وَأَفْرَاحَهَا وَلَذَّاتِهَا فَهُوَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَنْ طَلَبَ أَفْرَاحَ هَذِهِ الدَّارِ وَلَذَّاتِهَا فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَتَفَاوَتُ هَؤُلَاءِ الطُّلَّابُ فِي رُتَبِ
1 / 12