التقديم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه ومن تابعهم في مسيرتهم وسيرتهم .
وبعد: فإن تدوين الأحكام الشرعية وفقهها بالطريقة الفروعية على حسب الواقعات هو البداية الطبيعية لكل نظام مكتوب في أول نشوئه.
وهكذا بدأ تدوين الأحكام الشرعية في الفقه الإسلامي، ففتحت فيه أبواب بحسب أنواع الوقائع، دون فيها علماء الشريعة الأولون ما ترامى إليهم من الوقائع وأحكامها، نقلا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، مما قضى فيه، أو استنباطا من نصوص الكتاب والسنة ودلالاتها، وما عرفوا من مقاصد الشريعة الإسلامية من العبادات وسواها: كالصلاة والزكاة والنكاح والطلاق والبيع والرهن والقضاء والجهاد والميراث... إلخ، وعلل أحكامها، ومنطق العدل فيها. ففي كل باب تدون الوقائع والمسائل المتعلقة به مقرونة بأحكامها المنصوصة أو المستنبطة ، لكي يرجع اليها من يريد أن يتفقه في الدين ويعرف أحكامه العملية.
وإذ كان لكل حكم علة بني عليها وإلا كان تحكما لا تشريعا، وكان كثير من االأحكام، وإن اختلفت أبوابها التي ترجع إليها، قد تجمعها علة واحدة تحكم فيها جميعا - كان لا بد بعد التدوين الأولي للمسائل والأحكام أن يقوم في وقت لاحق جميع لتلك العلل الجامعة، يبرز بها ويتجلى المنطق والمنطلق في اشتراك المسائل من أنواع وأبواب شتى في حكم من الأحكام .ا - فقد تقرر مثلا أن من شك في بقاء وضوءه أو زواله اعتبر متوضئا، وجاز له ان يصلي ما لم يتيقن بوقوع ناقض لوضوئه.
صفحه ۸