قواعد فقهیه
القواعد الفقهية : مفهومها، نشأتها، تطورها، دراسة مؤلفاتها، أدلتها، مهمتها، تطبيقاتها
ناشر
دار القلم
ژانرها
أعلم بما في أنفسهم)(1)، وقوله تعالى: (إذا جآءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون)(2).
وبعد أن ساق هذه الآيات الكريمة وما سواها من الأدلة قال: "فصح بكل ما ذكرنا أن النفس هي المأمورة بالأعمال، وأن الجسد آلة لها، فإن نوت النفس بالعمل الذي تصرف فيه الجسد وجها ما، فليس لها غيره...، وقد أخبر الله تعالى على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام أنه لا ينظر إلى الصور، فإذا لم ينظر إلى الصور، فقد بطل أن يجزي عمل الصورة المنفرد عن عمل القلب الذي هو النية وصح أنه تعالى إنما ينظر إلى القلب وما قصد به فقط . ولا بيان أكثر من تكذيب اله عز وجل المنافقين في شهادتهم أن محمدا رسول الله . وهذا عين الحق وعنصره الذي لا يتم حق إلا به، فلما كانوا غير ناوين لذلك القول بقلوبهم صاروا كاذبين فيه. وهذا بيان جلي في بطلان كل قول وعمل لم ينو بالقلب"(3) .
فهذا كلام حسن يلقي الضوء على أهمية النية ومدى الاعتداد بها في ضوء النصوص. أما الأحاديث الأخرى التي توصل هذه القاعدة، بجانب الحديث المشهور الذي ذكرناه، فهي كثيرة جدا.
منها ما روي في صحيح البخاري "عن أبي موسى قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! ما القتال في سبيل الله، فإن أحدنا يقاتل غضبا، ويقاتل حمية، فرفع إليه رأسه - قال: وما رفع إليه رأسا إلا أنه كان قائما - فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله"(4) .
في هذا الحديث ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشد إلى تصحيح النية في الجهاد ، وبين أن إعلاء كلمة الله هو الغاية القصوى التي يطمح اليها عند القتال؛ وأن يكون العمل خالصا عن كل شائبة من الرياء، والسمعة، وحمية الجاهلية.
(1) سورة هود: الآية 31.
(3) ابن حزم : الإحكام في أصول الأحكام، (ط. القاهرة، مطبعة العاصمة) : 707/5.
(4) صحيح البخاري: 43/1، باب من سأل وهو قائم عالما جالسا.
صفحه ۲۸۴