فيما يشعر به من وجده بربه، فذلك أعلى أقسام الحب في الله، وعند ذلك يصير حال العبد محمديا حقيقة ، إذا اتصل بحال نبيه، وامتحت رؤية شيخه الذي أوصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم من بين يديه، ونظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من مشكاة نفسه ، لا من مشكاة شيخه، فإنه ربما نظر المريد في الابتداء إلى الرسول من طاقة شيخه ، حتى ربما كيف الرسول صلى الله عليه وسلم أحيانا في سره بكيفية شيخه ، وإذا ارتقى إلى هذه الرتبة ، صعد عن الوسائط إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وتلقى منه الحب الخاص، وتآلفت روحه مع روحه حقيقة، كما تلقى منه علوم الأحكام والسنن والآداب والشريعة، فتلك كيفية منورة ذات أنوار، ولتآلف الحال معه صلى الله عليه وسلم كيفية جاذبة ، مأخوذة من معادن الخلة والاصطناع والاجتباء بانجذاب الروح ووجود المحبوب الأصلي المتعارف فيه حقيقة تلك الصفة الموجبة كذلك كما قيل : وما هو إلا أن ظهرت لناظري بأكمل أوصاف على الحسن أربت فحليت لي البلوى ، يعنى الانجذاب في المحبة والتعظيم، وهو ابتلاء السر، فخليت بينها وبيني، فكانت منك أجمل [...] حليتي.
فإذا علم أن أعلى المشاهد مشاهد الروح، لأنها توجب المحبة والانجذاب إلى المحبوب، فما أحسنها حالة ورابطة بين المحب والمحبوب، وما أشرفها نسبة.
صفحه ۵۴