وبره، وجلس للعامة يستمع إلى مظالمهم، وراح يتفقد الأسواق، ويطوف على حماره بالليل وحيدا في الأزقة يستطلع طلع الناس، وما يكون من خبرهم إذا خلوا إلى أنفسهم وذوي خاصتهم ... واتخذ العيون
43
يرصدون على أعدائه حركاتهم في مصر وفي بغداد وسامرا، واصطنع له في دار الخلافة سفيرا يكتب إليه بكل ما يبلغه من أخبار السعاة،
44
ورصد الأموال العظيمة لاصطناع الأولياء من حاشية الخليفة ومن يلوذ به، وأحدث صهرا بينه وبين الخليفة المعتمد، واستخدم لأمره جماعة من الجوهرية وسراة التجار
45
في بغداد يبذلون عن أمره الأموال والهدايا لرجال الدولة، ليقيدوهم على طاعته والولاء له، تارة بالدين يوثقونهم به على الولاء، وتارات بالعوارف
46
والألطاف يبذلونها باسم الأمير لكل من يتوسمون فيه النفع، أو يدفعون به المضرة والمنافسة ... فخرست الألسنة، وتقاصرت الهمم، ولم تبق إلا قالة الخير على كل لسان.
وأخذ سلطان الدولة الطولونية يتسحب على ما يجاورها من بلاد الخلافة شيئا بعد شيء، فلم تمض إلا سنوات، حتى امتد ملك ابن طولون من حدود المغرب إلى أكناف العراق، كما رجاها أبو يوسف يعقوب بن إسحاق،
صفحه نامشخص