فمال رأس إبراهيم يسرة، وهو يحدج زوجه بنظرة من عل التمعت بها عيناه البارزتان، ثم قال وهو يتنهد في ظفر: وشهد شاهد من أهلها، الله يكرمك يا حماتي ... (ثم مخاطبا الجميع) يا هوه أمي ست كبيرة، وفي سن تستوجب الرعاية والحلم، وزوجي لا تعرف عن الحلم شيئا.
فانبرت خديجة للدفاع عن نفسها قائلة: أنا لا أغضب بلا سبب، ولم يكن الغضب من طبعي في يوم من الأيام، وهاك أهلي فسلهم عما تشاء.
ساد الصمت. كان أهلها لا يدرون ماذا يقولون، حتى ندت عن كمال ضحكة، فلفتت إليه الأنظار، فلم يتمالك أن يقول: أبلة خديجة أغضب حليمة عرفتها.
فتشجع ياسين قائلا: أو هي أحلم غضوب، والله أعلم!
انتظرت خديجة حتى هدأت ثائرة الضحك التي أعقبت ذلك، ثم أومأت إلى كمال وهي تهز رأسها في حسرة قائلة: خانني الذي حملته على حجري أكثر مما حملت أحمد وعبد المنعم.
فقال كمال كالمعتذر: لا أظنني أفشيت سرا.
وسرعان ما اتخذت أمينة موقفا جديدا للدفاع عن خديجة التي بدت في مركز لا تحسد عليه، فقالت باسمة: جل من له الكمال!
وجاراها إبراهيم شوكت في لباقة، قائلا: صدقت، إن لزوجي مزايا لا يستهان بها، لعنة الله على الغضب الذي يصيب أول ما يصيب صاحبه، لا شيء في الدنيا يستحق في نظري الغضب.
فقالت خديجة ضاحكة: يا بختك! ... لذلك تمضي الأيام - عيني عليك باردة - وأنت من التغير في حصن.
بدا على أمينة الاستياء - لأول مرة - بصورة جدية، فقالت في عتاب: ربنا يصون له شبابه، هو وأمثاله.
صفحه نامشخص