151

فصاح إسماعيل لطيف محتجا: هذه بلاغة أزهرية إذا لاحت لها في الأفق مائدة تناست دواعي العتاب، وتغنت بالتسامح والثناء، كل ذلك في سبيل لقمة دسمة! حقا إنك أديب، أو فيلسوف، أو ما شاكل ذلك من ضروب الشحاذة، أما أنا فلست كذلك.

ثم مواصلا حملة الاتهام على حسين شداد وحسن سليم: يا لكما من داهيتين، صمت طويل يعقبه فجأة إعلان خطبة، هه؟ حقا يا أستاذ حسن إنك الخليفة المنتظر لثروت باشا.

قال حسن سليم وهو يبتسم معتذرا: إن حسين نفسه لم يعلم بالأمر إلا قبيله بأيام معدودات.

فتساءل إسماعيل: خطبة من جانب واحد كتصريح 28 فبراير؟

رفضته الأمة المغلوبة على أمرها بإباء، ولكنه فرض عليها وما كان كان. وضحك كمال ضحكة عالية، فقال إسماعيل وهو يغمز حسن سليم بعينه: استعينوا على قضاء ... لا أذكر ماذا بالكتمان. قالها عمر بن الخطاب، أو عمر بن أبي ربيعة، أو عمر أفندي، والله أعلم.

وقال كمال فجأة: جرت العادة بأن تنضج هذه الأمور في صمت، على أني أقر بأن الأستاذ حسن أشار في حديث له معي مرة إلى شيء كهذا.

فرمقه إسماعيل بارتياب، على حين ألقى عليه حسن نظرة واسعة، وقال مستدركا: كان كلاما أشبه بالعناوين.

تساءل كمال في دهش كيف ند عنه ذلك القول؟ إنه كذب أو شبه كذب على أحسن تقدير، كيف يطمع - بهذا الأسلوب الشاذ - أن يقنع حسن بأنه كان على علم بنواياه، وأنه لم يفاجأ بها، أو يكترث لها؟ يا للحماقة! أما إسماعيل فقد قال لحسن وهو يحدجه بنظرة عتاب: ولكني لم أحظ بعنوان واحد من هذه العناوين!

فقال حسن بجد: أؤكد لك أنه إذا كان كمال قد وجد في حديثي معه ما اعتبره إشارة إلى الخطبة، فإنما يكون قد استعان على ذلك بخياله لا بكلماتي.

ضحك حسين شداد ضحكة عالية، وقال مخاطبا حسن سليم: إسماعيل زميلك القديم، وهو يريد أن يقول لك إنه إذا كنت سبقته إلى الليسانس بثلاث سنوات فلا يعني هذا أن تضن عليه بأسرارك، أو أن تؤثر بها غيره.

صفحه نامشخص