وقعد حسام باهتا دون أن يدري ما هم فيه، ولا ما يرويه عليهم سعد، فما تعود من سعد أن يروي غير ما يزيل كربهم ويروح عنهم، وسمعه يقول: أراكم متألمين، أيهمكم شأن هذه البنت؟ ما أكثر البنات اللواتي وقعن في حبي، ألم يبق إلا هذه القبيحة؟ أنا لم يضايقني إلا قولها يا «سمين»، وكنت طول هذه السنوات أحبها، وكنت أظنها تحبني ... هات كأسا أخرى يا يني ... والمصيبة أن أباها، عمي هذا الجلف يطردني من البيت! أنا لم أصنع شيئا حتى يطردني، لم أصنع شيئا على الإطلاق، ولكن كيف لم أصنع؟! إن أبي فقير، فقير كأبيها يا ناس، ولكن جاءها الولد ومعه العربة، فأنا سمين وأبي فقير بنت ال... النهاية ... ولكن أبوها عمي، يطردني وأنا لم أقل شيئا، طردني والله، لأني أنتقد أن تخرج بنت عمي وحدها مع شخص غريب، كفرت؟! هات كأسا يا يني.
وقال حسام: لا تحضر شيئا يا يني، ما دخل يني في هذا الذي ترويه؟
وسالت الدموع على خدي سعد الكبيرين: تصور يا حسام، من أجل سيارة، سيارة أقل من سيارتك بكثير، يطردني الرجل من بيته، وتقول هي ما شأنك يا سمين؟! أين الكأس يا يني؟ - يا أخي اترك يني، وقم، قوموا يا أولاد، سنركب سيارتي ونمر بها عند بيتها، وسأجعلك أنت تقود السيارة.
ويقول سعد ثائرا: أنا؟ أنا أذهب إلى بيتها أو في شارع بيتها ثانية؟ أبدا، أين الكأس يا يني؟ أنت عارف يا حسام كم امرأة وقعت في غرامي، ولكني كنت أحبها، أحبها هي، ما لكم هكذا؟ اضحكوا ... ماذا؟ أهي مصيبة؟
وأحضر يني الكأس أخيرا، وحاول حسام أن يمنعه من تقديمها، ولكن سميح مال إلى أذنه وقال له: اتركه يشرب، فإن الخمر تريح في مثل هذه الأحوال.
وترك حسام الكأس تأخذ طريقها إلى سعد، وقال هو لسعد: في رجلك، والله إن «زعلت» تكن امرأة، أي امرأة تلك التي تبكي من أجلها؟ نصف نساء البلد يحببنك!
ودارت أنظار الصحاب إلى حسام يعجبون من جرأته في الكذب، وزاد عجبهم من سعد أن صدق هذا الكذب وهو يقول في بعض راحة: أنت تعرف ذلك، أليس كذلك؟
وقال حسام: وكلنا يعرفه، أين عبد الجواد أفندي؟ أين عبد الجواد يا سميح؟ ألم تره اليوم؟
وانصرفت الجماعة إلى البحث عن عبد الجواد أفندي، حتى إذا ما عثرت عليه راحوا يهيئون معه سهرة الليلة، فانشغل معهم سعد ناسيا أمر عمه وحبه الضائع، ولم يعد يذكر شيئا إلا عبد الجواد أفندي وما يعده لهم.
الفصل العشرون
صفحه نامشخص