وعادت أم وديدة في نغمة توشك أن تكون نغمة نصح: يا ستي سهير ...
ولم تكمل لفظ سهير، فقد قاطعتها سهير في صوت حازم يحمل مقتا ويحمل أمرا: مع السلامة يا أم وديدة.
وأقفلت أم وديدة الباب وانصرفت، وخلت الحجرة بالأختين مرة أخرى، ولكن سهير تريد أن تنفرد بنفسها، فهي تقول لأختها: اذهبي إلى حجرتك يا سميحة، أريد أن أنام. - ومن سيلبس أبي حين يعود؟
وقالت سهير في تصميم: أنا طبعا، سأصحو قبل عودته، اذهبي إلى حجرتك.
وفهمت سميحة أن أختها تريد أن تخلو إلى نفسها، فقامت وتركت لها وحدتها.
عاد الباشا متأخرا بادي التعب، وأحست سهير وقع أقدامه في البهو، فقامت إليه جامدة محاذرة أن تلتقي عيناه بعينيها، ودخلت معه حجرته ووقفت وراءه لتخلع عنه سترته.
وقال الباشا وهو يخلع ملابسه: لا أدري يا سهير لماذا أحس بتعب الليلة؟ - لعلك تحتاج إلى النوم يا أبي، أبي.
وقال الأب في إشفاق: نعم يا بنتي. - ماذا كان سليمان يعمل عندك اليوم؟
وأدرك الباشا ما يهفو إليه حديثها، ولكن لم يستطع أن يميل بالموضوع إلى آخر، فهو يقول متظاهرا بعدم الاهتمام: إنه يجيء كل يوم يا بنتي. - نعم أعرف!
وأدرك الباشا أنه لا بد له أن يلاقي الأمر مواجهة، فسكت حتى لبس جلبابه، وقعد على الأريكة، ثم نظر مليا إلى وجه ابنته وقال لها: أتعرفين ما تريدين يا سهير؟
صفحه نامشخص