بها امتثالًا لمن شارك في الفضائل من المتوجهين للإستقامة وكرم الشمائل حتى سبق بها كثيرًا من أقرانه السابحين في بحار الغفلة والغوائل، بل ربما يلتحق بكثير من أهل الطبقة الذين قبلهم من الأوائل، مع اشتغاله بالتجارة المستغنى بها عن الرذائل، وإن كان في تعب وكد غني شرحه عن إقامة الدلائل، فالجنة محفوفة بالمكاره وثقيل الوسائل ونعم المال الصالح مع العبد الصالح، لتمكنه فيه من الخير الطائل.
وما أحسن قول سفيان الثوري (١) ﵀: (لولا هذه البضاعة الذي بأيدينا لتمندل (٢) بنا أرباب الولايات في المدائن والقبائل).
وكان عبد الله بن المبارك (٣) إمام الأئمة، والمقدم عند كل قائل، يتجر بقصد (٤) القيام بكفاية جماعة من العلماء، ليفرغهم للإشتغال بشريف
_________
=وقد ذكر الله ذلك عن نفسه وذكره عنه رسوله ﷺ والله ورسوله أعلم من السخاوي وقول الله وقول رسوله أولى بأن يعتمد من قول السخاوي.
ويقال أيضًا: إن صفة اليد كصفة السمع والبصر، فإن السخاوي يثبت لله السمع والبصر بلا تشبيه، ونحتج بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ونرد على السخاوي وأمثاله بجميع ما يرد به على المعتزلة في إنكارهم بقية صفات الله، والله أعلم.
وصدق الإمام مالك ﵀: (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر) يعني: رسول الله ﷺ، ورحم الله السخاوي ما كان أغناه بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ عن تأويلات المتكلمين.
(١) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله، أمير المؤمنين في الحديث، كان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، من رؤوس الطبقة السابعة، مات سنة (١٦١ هـ) وله أربع وستون سنة، من رجال الجماعة. "تاريخ بغداد": (٩/ ١٥١)، "التقريب": (ص ٣٩٤).
(٢) أي: جعلونا منديلًا يمسحون بنا وسخهم. "القاموس": (ص ١٣٧٢). وانظر القصة في: "السير": (٧/ ٣٤١)، و"الحلية": (٥/ ٣٨١).
(٣) عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي مولاهم، أبو عبد الرحمن، التميمي، الحافظ، شيخ الإسلام، المجاهد، صاحب التصانيف والرحلات، وُلد سنة (١١٨ هـ) وتوفي سنة (١٨١ هـ). "تذكرة الحفاظ": (١/ ٢٥٣)، "التقريب": (ص ٥٤٠).
(٤) في "الأصل" و"ط": (لتخبر بفضل)، وما أثبته من "أ" وهو الصواب إن شاء الله.
1 / 6