أيها البشر البائسون، سواء أرتديتم أردية خضراء، أم عمائم، أم أردية سوداء، أم أردية كهنوتية، أم عباءات وأشرطة حول الرقبة، لا تسعوا أبدا إلى استغلال السلطة حيثما تكون هناك مسألة للعقل وحده، أو ترضوا بأن تكونوا محل ازدراء عبر كل القرون كأكثر الناس صلفا، وأن تعانوا كراهية الجماهير مثل أكثر الناس ظلما.
حدثكم المرء مئات المرات عن السخافة المتغطرسة التي أدنتم بها جاليليو، وأحدثكم للمرة الحادية بعد المائة، وأتمنى أن تحافظوا على ذكراها السنوية إلى الأبد. أتمنى أن يكتب على ضريحكم المقدس:
هنا يرقد سبعة كرادلة يساعدهم بعض من الإخوة الأدنى رتبة، ألقوا بأستاذ الفكر في إيطاليا في غياهب السجن وهو في السبعين من عمره، وجعلوه يصوم على الخبز والماء لأنه علم الجنس البشري، ولأنهم كانوا جهلة.
وهناك صدر حكم لصالح تصنيفات أرسطو، وهناك صدر القرار، على علم وعدل، بفرض عقوبة التجديف على كل من كانت لديه الجرأة الكافية لتبني رأي يخالف رأي المجمع الكنسي، الذي أحرق كتبه مجلسان فيما سبق.
الأدهى من ذلك أنه في كلية لم تكن توجد بها ملكات عظيمة، صدر مرسوم ضد الأفكار الفطرية، ثم مرسوم لصالح الأفكار الفطرية، دون أن يقول لهذه الكلية شمامستها شيئا عما تكونه الفكرة.
اتخذت في المدارس المجاورة إجراءات قانونية ضد الدورة الدموية.
اتخذ إجراء ضد التطعيم، واستدعيت مجموعات للمثول أمام المحكمة.
احتجز في سلطة الرقابة على الفكر واحد وعشرون مجلدا من الحجم الكبير، كتب فيها بغدر وشر أن المثلث دائما ما تكون له ثلاث زوايا؛ وأن الأب أكبر من الابن؛ وأن ريا سيلفيا فقدت عذريتها قبل أن تنجب طفلها؛ وأن الطحين ليس ورقة سنديان.
في عام آخر صدر الحكم التالي: «يمكن لكائن خرافي يطن في الفضاء أن يلتهم أفكارنا المجردة.» ثم أقر على سبيل الجزم.
والنتيجة أن الجميع ظنوا أنفسهم أرفع مقاما من أرشميدس، وإقليدس، وشيشرون، وبليني، ومشوا بخيلاء في أرجاء الجامعة.
صفحه نامشخص