وهو الرأي الذي دعمته مؤخرا كل أعمال بايل في الجدل.
إليكم أساس النزاع الذي أبرزه بقوة ريشيوم اليسوعي، وأصبح أكثر معقولية مع شرح بايل له:
3
عند باب أحد المنازل يقف بوابان، يسألان: «أيمكن التحدث إلى سيدكما؟» فيجيب أحدهما: «إنه ليس هناك.» ويجيب الآخر: «هو هناك، لكنه منشغل بعمل نقود مزيفة، وعقود مزورة، وخناجر وسموم؛ ليمحق أولئك الذين لم يفعلوا شيئا سوى تحقيق غرضه.» يشبه الملحد البواب الأول، بينما يشبه الوثني الآخر. من الواضح إذا أن الوثني يسيء إلى الإله بأشد مما يفعل الملحد.
أستميح الأب ريشيوم، وحتى بايل، عذرا. ليس هذا الوضع الملائم للأمر على الإطلاق. لكي يشبه البواب الأول الملحدين، يجب ألا يقول: «سيدي ليس هنا.» ولكن يجب أن يقول: «ليس لدي سيد؛ ذاك الذي تدعي أنه سيدي ليس هنا. رفيقي أحمق إذ يخبرك بأنه مشغول بتركيب السموم وشحذ الخناجر ليغتال أولئك الذين نفذوا نزواته؛ لا يوجد كائن كهذا في العالم.»
هكذا فهم ريشيوم الأمر فهما بالغ السوء، ونسي بايل نفسه في أحاديثه المسهبة حتى إنه أعطى لريشيوم شرف تفسير ما قاله بألفاظ مغلوطة.
يبدو أن بلوتارخ يعبر عن نفسه تعبيرا أفضل كثيرا من ذلك في تفضيله الناس الذين ينفون وجوده على أولئك الذين يدعون أن بلوتارخ صعب العشرة. حقا، ماذا يعنيه في أن يقول الناس إنه ليس موجودا في العالم؟ لكن يعنيه كثيرا ألا تلطخ سمعته. الوضع مختلف مع الكائن الأعلى.
لا يتحدث بلوتارخ حتى عن الموضوع الرئيس في المناقشة. ليست المسألة معرفة من الأكثر إساءة إلى الكائن الأعلى؛ من ينكره أم من يشوهه. مستحيل أن نعرف، إلا بالوحي، إن كان الله مستاء من الهراء الذي يقوله البشر عنه.
غالبا ما يسقط الفلاسفة دون ترو في أفكار العامة؛ في افتراض أن الله غيور على مجده، سريع الغضب، يحب الانتقام؛ في تبني صور خيالية بدلا من تبني أفكار حقيقية. الموضوع المهم للعالم كله هو معرفة ما إذا كان من الأفضل لصالح البشرية جمعاء أن نعترف بإله يثيب ويعاقب، يكافئ على الأفعال الصالحة الخفية، ويعاقب على الجرائم السرية، من ألا نعترف بأي من ذلك على الإطلاق.
يجهد بايل نفسه في سرد كل الأعمال الشائنة التي تعزوها الأساطير لآلهة العصور القديمة، ويجيبه خصومه بملاحظات مبتذلة لا تعني شيئا. تقاتل دائما مؤيدو بايل وخصومه دون أن يلتقوا. لقد اتفقوا جميعا على أن جوبيتر كان زانيا، وأن فينوس كانت امرأة لعوبا، وأن ميركوري كان وغدا، لكن رأيي أن ذلك ليس هو ما يستدعي الاهتمام؛ فلا بد أن يميز المرء بين «تحولات» أوفيد وبين ديانة الرومان القدماء. أكيد أنه لم يكن قط لدى الرومان أو حتى اليونانيين معبد مكرس لميركوري الوغد، وفينوس اللعوب، وجوبيتر الزاني.
صفحه نامشخص