بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة المؤلف]
الحمد لله الذي ألهج خواطر الشعراء [بالكلام] الموزون، وألهمهم الغوص على درِّه النفيس وجوهره المخزون، وذلَّل لهم زمامه بعد الجماع فانقاد، حتى تملكوا رقَّة بذكاء الفهم والذهن الوقاد؛ فتصرفوا في أنواعه وفنونه، وأظهروا ما كان بديعًا من مكنونه، ومروا الخالص من درره، واستنبطوا النادر من غرره.
فكم ابتكروا من المعاني البليغة التي جلت ودقت، وكسوها الألفاظ الرشيقة التي راقت ورقَّت؛ ما شهد لهم بكمال البراعة، والتبريز في إحكام الصناعة. فلو انتقدت هذه الألفاظ والمعاني، وتأملها الحاذق في صنعة المعاني؛ مع تلك البدائع التي اخترعوها، والمحاسن التي أتوا بها وابتدعوها، لقال مبادرًا: هذا هو السحر الحلال، أو الراح الشَّمول شجَّت بالماء الزلال، ويواقيت رصعت في التيجان، وشذور ذهب فصِّلت باللؤلؤ والمرجان؛ ولا بل رياض أنيقة تبهج/٢ أ/ الناظرين ناصع ألوانها، قد تضرجت وجنات شقيقها، وابتسمت ثغور أقحوانها. وزها نرجسها وعرارها، واستنار وردها وبهارها، وأشرق ياسمينها، ولاح نسرينها. ضاحكها الشمس غبَّ بكاء الغمام، فأصبح النَّور بأرجائها مفتَّح الأكمام؛ فإذا نشر النسيم خمائل زهرها وحياها، جاءت بالمسك السحيق من تربها وطيب تضوُّع ريَّاها. وكلما شدت أطيارها وترَّدت ألحانها، رقصت غصونها طربًا وصفَّقت غدرانها.
نحمده على ما أولانا من فرائده الأثيرة، وأجرانا فيه على عوائده الخطيرة، وصلى الله على رسوله الصادق الأمين، سيد الأنبياء الأكرمين؛ الذي أنزل ﷿ في حقّه في كتابه المبين ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾.
1 / 59