* الفصل الثاني
* في
* تقرير الدلائل الدالة
* على أن قدرة العبد غير مؤثرة
* في خروج شيء من العدم إلى الوجود
* البرهان الأول
فعل العبد : ممكن. وكل ممكن فهو واقع بقدرة الله تعالى. ينتج : أن فعل العبد واقع بقدرة الله تعالى.
أما أن فعل العبد ممكن : فلا نزاع فيه. وأما أن كل ممكن فإنه لا يقع إلا بقدرة الله تعالى. فالدليل عليه :
أن الإمكان من حيث إنه هو إمكان : مفهوم واحد في كل الممكنات. والإمكان محوج إلى السبب. فإما أن يحوج إلى سبب بعينه ، أو إلى سبب لا بعينه. بل يحوج إلى سبب ما مبهم ، أي سبب كان. وهذا الثاني باطل. لأن المبهم في نفسه لا وجود له البتة في الأعيان. لأن كل ما له حصول وثبوت في الأعيان ، فله في نفسه تعين وتميز ، يمتاز به عما سواه. فثبت : أن كل ما كان موجودا في الأعيان ، فهو في نفسه معين. فما لا يكون في نفسه معينا ، امتنع كونه موجودا في الأعيان ، وما لا يكون موجودا في الأعيان ، امتنع أن يكون سببا لوجود غيره في الأعيان. فثبت : أن الإمكان سبب للاحتياج إلى سبب ، وثبت : أنه يستحيل أن يكون سببا للاحتياج إلى سبب مبهم ، فوجب أن يكون سببا للاحتياج إلى سبب معين. فإذا كان الإمكان أمرا واحدا في جميع الممكنات ، لزم القطع بافتقار جميع الممكنات إلى ذلك الشيء الواحد بعينه ، وما احتاج إليه كل الممكنات ، لم يكن من الممكنات ، وإلا لزم افتقار الشيء إلى نفسه. فوجب أن يكون واجبا لذاته. فثبت : أن جميع الممكنات لا يوجد شيء منها إلا بإيجاد الواجب لذاته.
** وذلك هو المطلوب :
فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : الإمكان سبب للحاجة إلى السبب ، من حيث هو سبب. ولا شك أن السبب من حيث إنه سبب : أمر متعين في نفسه وذاته.
والجواب : إن كونه تعالى موجبا أو مؤثرا إما أن يكون هو نفس ذاته المخصوصة ، وإما أن يكون أمرا زائدا عليها. فإن كان الأول فقد حصل المقصود. لأنه لما كان ذاته المخصوصة ، وكون تلك الذات المخصوصة سببا ومؤثرا في الغير : أمرا واحدا ، والإمكان علة للانتساب إليه ،
صفحه ۷۷