٢١ - واحتج هؤلاء المنكرون للشفاعة بقوله تعالى (٢: ٤٨): ﴿وَاتَّقوا يومًا لا تَجْزى نَفس عن نفْسٍ شَيْئًا ولا يُقْبَلُ منها شفاعةٌ ولا يُؤْخَذُ منها عَدْلٌ﴾ وبقوله (٢: ١٢٣): ﴿ولا يُقْبَلُ منها عَدْلٌ ولا تَنْفَعُها شفاعةٌ﴾ وبقوله (٢: ٢٥٤): ﴿منْ قَبْل أَنْ يأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خُلَّةٌ ولا شفاعة﴾ وبقوله (٤٠: ١٨): ﴿وما للظَّالِمينَ منْ حَميم ولا شَفِيع يُطاع﴾ وبقوله (٧٤: ٤٨): ﴿فما تَنْفَعُهُمْ شفاعةُ الشافعين﴾ .
وجواب أهل السنّة أن هذا [لعله يراد] (١) به شيئان:
٢٢ - أحدهما: أنها لا تنفع المشركين، كما قال تعالى (٧٤: ٤٢ - ٤٨) في نعتهم: ﴿ما سَلَكَكُمْ في سَقَر * قالوا لَمْ نَكُ منَ المصَلِّين * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وكُنَّا نخُوضُ مَعَ الْخائضين * وكُنَّا نُكَذِّبُ بيَوْمِ الدِّين * حَتَّى أَتانا الْيَقين * فَمَا تَنْفَعُهُم شفاعَةُ الشَّافِعين﴾ فهؤلاء نفى عنهم نفع شفاعة الشافعين لأنهم كانوا كفارًا.
٢٣ - والثاني: أنه يراد بذلك نفي الشفاعة التي أثبتها (٢) أهل الشرك، ومن شابههم من أهل البدع، من أهل الكتاب والمسلمين، الذين يظنون أن للخلق عند الله من القدر أن يشفعوا عنده بغير إذنه، كما يشفع الناس بعضهم عند بعض فيقبل المشفوع إليه شفاعة الشافع (٣) لحاجته إليه رغبة ورهبة، كما يعامل المخلوقُ المخلوق (٤) بالمعاوضة. فالمشركون كانوا يتخذون من دون الله شفعاء من الملائكة والأنبياء
_________
(١) ما بين المعكوفتين زيادة من: المطبوعة. قصد بها استقامة الكلام لأنه لا يستقيم إلا بها.
(٢) في المخطوطة: "ثبّتها".
(٣) في المطبوعة: "شافع".
(٤) سقطت من: ز. وهي موجودة في: ب، خ.
1 / 12