يتألف به قلوبهم، كما كان يتألفهم بغير ذلك.
٩ - وقد اتفق المسلمون على أنه ﷺ أعظم الخلق جاهًا عند الله، لا جاه لمخلوق عند الله أعظم من جاهه، ولا شفاعة أعظم من شفاعته، لكن دعاء الأنبياء وشفاعتهم ليس بمنزلة الإيمان بهم وطاعتهم، فإن الإيمان بهم وطاعتهم توجب سعادة الآخرة والنجاة من العذاب مطلقًا وعامًا، فكل من مات مؤمنًا بالله ورسوله مطيعًا لله ورسوله كان من أهل السعادة قطعًا، ومن مات كافرًا بما جاء به الرسول كان من أهل النار قطعًا.
١٠ - وأما الشفاعة والدعاء، فانتفاع العباد به موقوف على شروط وله موانع، فالشفاعة للكفار بالنجاة من النار والاستغفار لهم مع موتهم على الكفر لا تنفعهم ولو كان الشفيع أعظم الشفعاء جاهًا، فلا شفيع أعظم من محمد ﷺ، ثم الخليل إبراهيم، وقد دعا الخليل إبراهيم لأبيه واستغفر له كما قال تعالى (١٤: ٤١) عنه: ﴿رَبّنا اغْفرْ لي وَلوالدَيّ وللمُؤمنينَ يومَ يَقُومُ الحساب﴾ .
_________
= و٦٥ - كتاب التفسير سورة ٤٤ - الدخان، ٥ - باب ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون حديث (٤٨٢٤) . ومسند أحمد (١/٣٨٠ - ٣٨١) من حديث ابن مسعود ﵁ واللفظ للبخاري قال: "إن الله بعث محمدًا ﷺ، وقال: "قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين"، فإن رسول الله ﷺ، لما رأى قريشًا استعصوا عليه فقال: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف، فأخذتهم السنة حتى حصت كل شيء حتى أكلوا العظام والجلود والميتة وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان فجاء أبو سفيان، فقال: أي محمد إن قومك قد هلكوا فادع الله أن يكشف عنهم، فدعا ...) وفي رواية للبخاري قبل هذه برقم (٤٨٢٢) "فقيل له إن كشفنا عنهم عادوا فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر".
1 / 5