وَلهُمْ فِي الظُّلْمَةِ قَولَانِ:
قِيلَ: قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ.
وَقِيلَ: بَلْ مُحْدَثَةٌ عَنِ النُّورِ.
وَقِيلَ عَنْهُمْ: إِنَّ النُّورَ فَكَّرَ فِكْرَةً رَدِيَّةً، فَحَدَثَتِ الظُّلْمَةُ.
وَهُمْ يَجْعَلُون الظُّلْمَةَ شَرِيكًا للهِ فِي خَلْقِ العَالَم، فَقَدْ نَقَلُوا عَنْهُمْ: أَنَّ الظُّلْمَةَ عِنْدَهُمْ هِي الشَّيطَان إِبْلِيس، فَجَعَلُوا إِبْلِيسَ شَرِيَكًا للهِ فِي الخَلْقِ، هَذَا عَلَى قَولِ مَنْ يَقُولُ: الظُّلْمَةُ مُحْدَثَةٌ، وَالقَولُ الآَخَرُ: إِنَّهَا قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ، فَهَذَا أَعْظُمْ شِرَكًا (١).
(١) قال شيخ الإسلام في الجواب الصحيح (١/ ٣٥١): (وذلك أن المشركين من جميع الأمم لم يكن أحد منهم يقول: إن للمخلوقات خالقين منفصلين متماثلين في الصفات، فإن هذا لم يقله طائفة معروفة من بني آدم؛ ولكن الثنوية من المجوس ونحوهم يقولون: إن العالم صادر عن أصلين: النور والظلمة، والنور عندهم هو: إله الخير المحمود، والظلمة هي: الإله الشرير المذموم، وبعضهم يقول: إن الظلمة هي الشيطان، وهذا ليجعلوا ما في العالم من الشر صادرًا عن =