نفصيل مقالة الفلاسفة في اللذة
...
ثم إن من دخل مع أهل الملل منهم وافق المؤمنين بإظهاره للإقرار بما جاءت به الرسل وقال إن ما أخبرت به الرسل من الوعد والوعيد إنما هو أمثال مضروبة لتفهم العامة المعاد الروحاني وما فيه من اللذة والألم الروحانيين وربما يغرب بعضهم فأثبت اللذات الخيالية بناء على أن النفوس يمكن أن يحصل لها من إشراق الأفلاك عليها ما يحصل لها به من اللذة ما هو من أعظم اللذات الخيالية التي قد يقولون هي أعظم من الحسية
الأصل الثاني أن اللذات العقلية التي أقروا بها لم تحصل لهم ولم يعرفوا الطريق إليها بل ظنوا أن ذلك إنما هو إدراك الوجود المطلق بأنواعه وأحكامه وطلبوا اللذة العقلية في الدنيا بما هو من هذا النمط من الأمور العقلية وتكلموا في الإلهيات بكلام حقه قليل وباطله كثير فكانوا طالبين للذة العقلية التي أثبتوها بالأغذية الفاسدة التي تضر وتؤلم أكثر من طلبها بالأغذية النافعة بل كانوا فاقدين لغذائها الذي لا صلاح لها إلا به وهو إخلاص الدين لله بعبادته وحده لا شريك له فإن هذا هو خاصة النفس التي خلقت له لا تصلح إلا به ولا تفسد فسادا مطلقا مع وجوده قط بل من بات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة
كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي ﷺ صلي الله عليه وسلم أنه قال من وجوه متعددة من
1 / 66