كما بينا أن المحبة والإرادة أصل كل عمل فكل عمل في العالم فعن إرادة ومحبة صدر
ولهذا كانت المحبة والإرادة منقسمة إلى محبوب لله وغير محبوب كما أن العمل والحركة منقسم كذلك
وإذا كان كذلك فالمحبة لها آثار وتوابع سواء كانت صالحة محمودة نافعة أو كانت غير ذلك لها وجد وحلاوة وذوق ووصال وصدود ولها سرور وحزن وبكاء
والمحبة المحمودة هي المحبة النافعة وهي التي تجلب لصاحبها ما ينفعه وهو السعادة والضارة هي التي تجلب لصاحبها ما يضره وهو الشقاء
ومعلوم أن الحي العالم لا يختار أن يحب ما يضره لكن يكون ذلك عن جهل وظلم فإن النفس قد تهوي ما يضرها ولا ينفعها وذلك ظلم منها لها وقد تكون جاهلة بحالها به بأن تهوي الشيء وتحبه بلا علم منها بما في محبته من المنفعة والمضرة وتتبع هواها وهذا حال من اتبع هواه بغير علم
وقد يكون عن اعتقاد فاسد وهو حال من اتبع الظن وما تهوي نفسه وكل ذلك من أمور الجاهلية وإن كان كل من جهلها وظلمها لا يكاد يخلو عن شبهة يشتبه بها الحق وشهوه هي في الأصل محمودة إذا وضعت في محلها كحال الذي يحب لقاء قريبه فإن هذا محمود وهو أصل صلة الرحم التي هي شجنة من الرحمن
1 / 16