فقال الزائر: لا يصح أن آكل على مائدتكم غير ما تأكلون، ولكني سأقصر أيامي عندكم. قل لي دخلكم من أين؟ - من الأرض يا صاحب النيافة، فنحن نساك عمال، نغرس ونفلح، ونزرع ونحصد. الراهب اللبناني فلاح قانوني، والشعب فلاح علماني، الدير، بدعاك بألف خير. - وهل يفيض عنكم شيء؟ - الكثير، والعقارات في ازدياد مستمر. - إذن ماذا أقول لرومية؟ - خبر عما رأيت، فهذه حقيقتنا. ولكني أحس أن عدوى الترف تتسرب إلينا شيئا فشيئا، فصلوا لأجلنا؛ حتى نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا وأموال الفقراء التي نسميها وقفا. فالدير بيت الجميع وخصوصا المحتاجين.
فأجاب الزائر: نحن محتاجون إلى صلواتكم. ومتى كانت الصلاة مقرونة بالعمل الصالح ففيها كل خير وبركة.
تلك كانت حالة الديورة وأوقافها، أما اليوم، فحالة الكراسي والديورة كما يعرفها كل قارئ، ولا نزيد على هذا شيئا. ولعل هذي هي حالتنا روحيا ومدنيا، وقد قال فيها منذ قرنين االشاعر الخوري نيقولاوس الصائغ:
كثر العثار بعثرة الرؤساء
وغوى الصغار بغرة الكبراء
فإذا رأيت الرأس وهو مهشم
أيقنت منه تهشم الأعضاء (4) من أفواه الصبيان
أعمدة وزجاج
لقد بحثت عن الله في جميع الكنائس فلم أجد غير أعمدة ضخمة وزجاج ملون.
هذا ما قالته البنية الصغيرة، مينو دوريه، قبل أن تسلم على قداسة البابا. ومينو دوريه، فتاة حيرت عبقريتها المبكرة عقول أدباء الغرب ونقاده ومفكريه. ففي العام الثامن كان لهذه البنية ديوان مطبوع وشعره جيد كما يقولون.
صفحه نامشخص