Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٤١ هـ
محل انتشار
السعودية
ژانرها
الْإِيمَانَ بِهِ -وَإِن لَمْ يَعْتَقِدْ تَكْذِيبَهُ- فَهَذَا قَد لَا يُوَسْوِسُ لَهُ الشَّيْطَانُ بِذَلِكَ، إذ الْوَسْوَسَةُ بِالْمُعَارِضِ الْمُنَافِي لِلْإِيمَانِ إنّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا عِنْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُن مَعَهُ مَا يَقْتَضِي الْإِيمَانَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى مُعَارِضٍ يَدْفَعُهُ.
فَكُلُّ مَا وَقَعَ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ مِن خَوَاطِرِ الْكُفْرِ وَالنفَاقِ فَكَرِهَهُ وَأَلْقَاهُ ازْدَادَ إيمَانًا ويقِينًا، كَمَا أنَّ كُلَّ مَن حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِذَنْبٍ فَكَرِهَهُ وَنَفَاهُ عَن نَفْسِهِ وَتَرَكَهُ للهِ ازْدَادَ صَلَاحًا وَبِرًّا وَتَقْوَى. [١٠/ ٧٦٦ - ٧٦٧]
٦٨ - أَمَّا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِأنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ فَهَذَا قَد أَقَرَّ بِهِ الْمُشْرِكونَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)﴾ [يوسف: ١٠٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَسْألُهُم مَن خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ فَيَقُولُونَ: اللهُ وَهُم يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [العنكبوت: ٦١].
فَالْكُفَّارُ الْمُشْرِكُونَ مُقِرُّونَ أَنَّ اللهَ خَالِقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَيْسَ فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ مَن جَعَلَ للهِ شَرِيكًا مُسَاوِيًا لَهُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَطُّ.
فَإنَّ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ -وَإِن كَانُوا كُفَّارًا مُشْرِكِينَ مُتَنَوِّعِينَ فِي الشِّرْكِ- فَهُم مُقِرُّونَ بِالرَّبِّ الْحَقِّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَجَمِيعِ أَفْعَالِهِ؛ وَلَكِنَّهُم مَعَ هَذَا مُشْرِكُونَ بِهِ فِي أُلُوهِيَّتِهِ، بِأَنْ يَعْبُدُوا مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى يَتَّخِذُونَهَا شُفَعَاءَ أَو شُرَكَاءَ؛ أَو فِي رُبُوبِيَّتِهِ بِأَنْ يَجْعَلُوا غَيْرَهُ رَبَّ بَعْضِ الْكَائِنَاتِ دُونَهُ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُ رَبُّ ذَلِكَ الرَّبِّ وَخَالِقُ ذَلِكَ الْخَلْقِ.
وَقَد أَرْسَلَ اللهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَأَنْزَلَ جَمِيعَ الْكُتُبِ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ
_________
= والكفر ينقسم كذلك إلى قسمين:
- بسيط، وهو عبارة عن عدم الإيمان واتباع الرسول مع عدم تلبس بضد.
ومركب، وهو جهل أرباب الاعتقادات الباطلة.
1 / 49