52

Omar's Rhetoric

البلاغة العمرية

ناشر

مبرة الآل والأصحاب

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

٢٠١٤ م

ژانرها

إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ حَرْبَ الْعِرَاقِ فَاحْفَظْ وَصِيَّتِي فَإِنَّكَ تُقْدِمُ عَلَى أَمْرٍ شَدِيدٍ كَرِيهٍ لا يَخْلُصُ مِنْهُ إِلا الْحَقُّ، فَعَوِّدْ نَفْسَكَ وَمَنْ مَعَكَ الخير، واستفتح به واعلم أنَّ لكل عادة عتادًا، فعتاد الخير الصبر، فالصبر عَلَى مَا أَصَابَكَ أَوْ نَابَكَ، يَجْتَمِعُ لَكَ خَشْيَةُ الله.
وَاعْلَمْ أَنَّ خَشْيَةَ اللهِ تَجْتَمِعُ فِي أَمْرَيْنِ: فِي طَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، وَإِنَّمَا أَطَاعَهُ مَنْ أَطَاعَهُ بِبُغْضِ الدُّنْيَا وَحُبِّ الآخِرَةِ، وَعَصَاهُ مَنْ عَصَاهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا.
وَبُغْضِ الآخِرَةِ، وَلِلْقُلُوبِ حَقَائِقُ يُنْشِئُهَا اللهِ إِنْشَاءً، مِنْهَا السِّرُّ، وَمِنْهَا الْعَلانِيَةُ، فَأَمَّا الْعَلانِيَةُ فَأَنْ يَكُونَ حَامِدُهُ وَذَامُّهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءٌ، وَأَمَّا السِّرُّ فَيُعْرَفُ بِظُهُورِ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ، وَبِمَحَبَّةِ النَّاسِ، فَلا تَزْهَدْ فِي التَّحَبُّبِ فَإِنَّ النَّبِيِّينَ قَدْ سَأَلُوا مَحَبَّتَهُمْ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا حَبَّبَهُ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا بَغَّضَهُ فَاعْتَبِرْ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَتِكَ عِنْدَ النَّاسِ، مِمَّنْ يَشْرَعُ مَعَكَ فِي أَمْرِكَ ثُمَّ سَرَّحَهُ فِيمَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ نَفِيرِ الْمُسْلِمِينَ» (١).
[٥٦] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ ﵁
لأهله، حين ينهى الناس عن شيء
«إِنِّي نَهَيْتُ عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَالنَّاسُ إِنَّمَا يَنْظُرُونَ إِلَيْكُمْ نَظَرَ الطَّيْرِ

(١) رواه الطبري في تاريخه: ٣/ ٤٨٣ - ٤٨٤.

1 / 58