============================================================
3 - أخبار الغلاء والأسعار: ويستوقف من يقرأ كتاب "النزهة" اخيار الغلاء وحركة الأسعار (في الديار المصرية)، وقد ترد اسبابها إلى عاملين رتيسيين: الأول طبيعي يتمثل أساسا بمنسوب مياه نهر النيل؛ قفي الواقع أن هبوط النهر عن حد الوفاء أو زيادته عن المنسوب العادي للقيضان كان يمثل خطرا حقيقيا على الحياة المصرية آنذاك، وكارثة يخشى الجميع حدوثها، ذلك ان النيل هو مصدر مياه الري الوحيد في مصر تقريبا، فإذا قصر عن الوفاء فات اوان الزراعة ، وإذا زاد عن حده العادى أغرق الحقول الواقعة على ضفتيه وجعلها غير صالحة للزراعة. وحين يقل ماء النهر عن الحد اللازم للزراعة، يقلق الناس وتنتابهم المخاوف من حدوث المجاعة نتيجة لعدم زراعة المحاصيل الجديدة، ومن ثم يسارعون لتخزين الغلال التي لديهم ضمانا لقوتهم وقوت عيالهم أثناء الأزمة المتوقعة، كما يسارع التجار إلى تخزين الغلال طمعا في الحصول على مزيد من الأرباح عن طريق رفع الأسعار، ونتيجة لذلك يشتد الاقبال على شراء الغلال، بينما يقل المطروح من البضائع في الأسواق، ويشتد تزاحم الناس على الأفران، وحوانيت الغلال ويستتبع ذلك بطبيعة الحال تصعيد حطير في الأسعار التي تمتد حماها إلى كل ما يباع ويشترى من ماكول ومشروب وملبوس أما العامل الثاني فيتعلق بالسياسة الاقتصادية التي اعتمدتها الدولة المملوكية والمرتبطة بطبيعة النظام الاقطاعي ذي الطابع العسكري؛ فأصحاب الاقطاعات من أمراء وجند لم يعيروا اهتماما كبيرا لاستصيلاح أراضيهم وجعلها آكثر مردودا بسبب عدم استقرار هذه الاقطاعات التى كان يعاد توزيعها لسبب أو لاخر(1). كها أن الاجراءات التي كانت تتخذها السلطة كطرح كميات كبيرة من البضائع (قماش، حديد خشب، مواش.
(1) المخطوط: 24ظ: 69ظ، 106 و. 133ظ، 134و.
صفحه ۸۱