ممارسةٍ بالعلم وأخبار الناس أنّ مالكًا، مثلًا، لو شافهه بخبرٍ (^١) أنه صادقٌ فيه، فإذا انضاف إليه مَن هو في تلك الدرجة ازداد قوَّةً (^٢)، وبَعُدَ ما يُخْشَى عليه مِن السهو.
[القرائن هذه إنما تفيد العلم بصدق الحديث عند المختصين]:
وهذه الأنواع التي ذكرناها لا يَحْصل العلمُ بصدقِ الخبرِ منها إلا للعالِمِ بالحديثِ، المتبحرِ فيه، العارفِ بأحوالِ الرواةِ، المطَّلِعِ على العلل. وكونُ غيرِه لا يَحْصلُ له العلمُ بصدْقِ ذلك -لقصورِهِ عن الأوصاف المذكورة التي ذكرناها (^٣) - لا يَنفي حصولَ العلمِ للمتبحّر المذكور.
ومحصَّلُ (^٤) الأنواع الثلاثة، التي ذكرناها أنَّ:
الأول: يختص بالصحيحين.
والثاني: بما له طرقٌ متعددة.
والثالث: بما رواه الأئمة.
ويُمْكن اجتماع الثلاثة في حديثٍ واحد، ولا يَبْعُدُ حينئذ القطعُ بصدْقِهِ (^٥)، والله أعلم.
(^١) في نسخةٍ زيادة: "لَعَلِمَ".
(^٢) قوله: "فإذا انضاف إليه مَن هو في تلك ا لدرجة … "، أَيْ: زاد العدد في الرواية. مع ملاحظة أنّ المقصود زيادة العدد مِن الأئمة الثقات هؤلاء، أمّا عن غيرهم فقد تتعدد الطرق ولا يصح شيء منها.
(^٣) في قوله: «المذكورة التي ذكرناها»، نوعُ تكرارٍ يُغْني عنه إحدى اللفظتين. رُغْمَ أنهما هُما مثبتتان في الأصل.
(^٤) في الأصل حاشيةٌ إلحاقيةٌ هنا، ونصُّها: "قوله: ومحصَّل الأنواع الثلاثة وهي: تقويتُهُ بالقرائنِ وكثْرةِ طُرُقِه، والتسلسل"، ق ٥ ب.
(^٥) قوله: "فلا يَبْعد حينئذ القطعُ بصدْقه". قلتُ: فيكون مشاركًا للمتواتر مِن هذه الحيثية.