[كنوز مصر]
وأمّا حديث الكنوز التي بمصر، ومن ذهب من هؤلاء البطّالين الذين يقولون إنهم مطالبيّة (١) وهم ضالّين (٢) فيما زعموه أنّ المطالب في جبل المقطّم، وإنه (٣) في المساجد، فقد افترى وكذب، ولا يوشك (٤). إلا أنّ المطالب ما كنزها إلاّ الروم والقبط، كما ذكر في كل بلدة مما اجتمع من ربع خراجها في كل سنة. والمساجد فما بناها إلاّ المسلمون من بعد الفتح. والمسلمون فكانوا فقراء ما كانوا أصحاب أموال. وإنّما ثمّ رهبان ونصارى يحسدوا (٥) المسلمين على جبل المقطّم لشرفه وفضله، وكونهم بنوا المساجد بالقرب من دياراتهم، وضيّقوا عليهم، صنّفوا كتبا وأوراقا وعتّقوها: إنّ في قبلة المسجد الفلانيّ، بالمكان الفلانيّ، بجبل المقطّم كنز (٦) صفته كذا وكذا، وأوقعوا الكتب في أيدي البطّالين من المسلمين المغاربة وغيرهم العديمين (٧) العقل، فخرجوا للطمع أخربوا المساجد التي في جبل المقطّم وأخافوا المقيمين بها حتى أخلوها وخربت.
وبالأولى: إنّه إن كان ثمّ كنوز فتكون بالديارات لأنها أقدم من المساجد، والذين عمّروها كانوا ذوي أموال، وهي أنسب لذلك. والله أعلم.
[العودة إلى ملوك مصر]
ثم رجعنا إلى ملوك مصر.
فلما أرسل بخت نصّر القوم الذين بقوا من بني إسرائيل إلى مصر سكنوها وعمّروها، واستخرجوا أراضيها، وتوالدوا فيها وكثروا، هم بقايا القبط، فوثب عليهم الروم كما ذكرنا، فأرسل هرقل للمقوقس ملكا فيها.
_________
(١) المطالبيّة: هم الذين يطلبون الحصول على الدقائق والمخبوءات من الكنوز وغير ذلك.
(٢) الصواب: «وهم ضالّون».
(٣) الصواب: «وأنها».
(٤) الصواب: «ولا شك».
(٥) الصواب: «يحسدون».
(٦) الصواب: «كنزا».
(٧) الصواب: «عديمي».
1 / 65