نفجار، وصنهاجة (٤٤) ولمطة أخوان لأب واحد وأم واحدة، وأبوهما لمط بن زعزاع (٤٥) من أولاد حمير، وأمّهما تازكاي (٤٦) العرجاء، وأبوهما زناتي. وكان المسور بن المثّنى (٤٧) بن كلاع بن أيمن بن سعيد بن حمير، من أمراء العرب ساكنا مع قومه في بلاد الحجاز، فضاعت له إبل فخرج يطلبها ويبحث عنها إلى أن عبر نيل مصر، وسار في بلاد المغرب يطلبها، فمرّ بجبال طرابلس، فقال لغلامه: أين نحن من الأرض؟ فقال له الغلام: نحن بأرض إفريقية، فقال: لقد تهوّرنا. والتهوّر عند العرب الحمق، فسمّي لهذا اللفظ هوّارا، ونزل المسور المذكور بقوم من زناتة فحالفهم، ورأى بأرضهم تازكاي أم صنهاج ولمط، وكانت إمرأة جميلة بدنة بارعة الكمال، فولع بها المسور، فسأل عنها، فوجدها خلوا عن الأزواج، فرغب في زواجها وتزوّجها ومعها ابناها (٤٨) صنهاج ولمط (وهما ابنا لمط الأكبر) (٤٩) فولد للمسور منها ولد سمّاه المثنى (فسمّى أولاده هوارة لما قاله أبوه المسور) (٥٠) ثم مات المسور عنها وبقي ولده المثنّى مع أخويه صنهاج ولمط عند أمهم تازكاي وعند أخوالهم من زناتة. ثم ولد للمط ولصنهاج أولاد كثيرة فكثر نسلهم وتسلّطوا على الأمم، فاجتمع عليهم قبائل البربر فأزعجوهم إلى الصّحارى المجاورة للبحر المظلم، الأعظم، فنزلوها وبها قبائلهم متفرّقة بنواحيها وهم أصحاب إبل ونجب عتاق، رحّالة لا يقيمون بمكان واحد. ولباس الرّجال منهم والنساء أكسية الصّوف ويربطون على رؤوسهم عمائم الصّوف المسمّاة بالكرازي وعيشهم من ألبان الإبل ولحومها مقدّدة وربّما جلبت إليهم الحنطة والزبيب، لكن الزبيب أكثر لأنهم كثيرا ما ينقعون الزّبيب في الماء بعد دقّه ويشربون صفوه نقيعا حلوا. وفي بلادهم عسل كثير وليس عندهم مدينة يأوون إليها إلا مدينة نول لمطة (٥١) ومدينة ازقي للمطة (٥٢).
_________
(٤٤) في الأصول: «صنهاج» والمثبت من ن. م. ص: ٥٧.
(٤٥) في ط: «عارع»، وفي ت وش: «عرعار» والمثبت من ن. م.
(٤٦) كذا في ط ونزهة المشتاق، وفي ش وت: «تزكاي».
(٤٧) كذا في ش ونزهة المشتاق، وفي ط وت: «المكني».
(٤٨) كذا في ش وط ونزهة المشتاق، وفي ت: «أبنائها».
(٤٩) في الأصول: «المتقدما الذكر» والمثبت من نزهة المشتاق رفعا للالتباس.
(٥٠) اضافة من المؤلف للتفسير.
(٥١) في الأصول: «نول لمط» والمثبت من ن. م. ص: ٥٩.
(٥٢) في الأصول: «أزكي لمط» وفي نزهة المشتاق كما كتبناها في النص. ولعلّها بالقاف المعقدة كالجيم المصرية وهذه الحروف، الكاف الفارسية والقاف المعقدة والجيم كثيرا ما تتعاقب كلفظة انكلترا ومن لا يعرف هذا يقع في الغلط والاشتباه.
1 / 54