هذه الحياة والممات راجعة بعد مراعاة التدبير الإلاهي إلى القمر، والسرّ فيه أن القمر إذا كان في غاية امتلائه، وذلك في العشر الوسطى أو غاية نقصانه وذلك في الخمس الأولى والخمس الأخيرة حصلت الحياة وإذا (٤٩) كان بين بين، وهو فيما سوى ذلك حصل الموت، فسبحان من جعل لكل شيء قدرا ﴿ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ (٥٠).
حدود البحر الشامي:
وأما تحديد هذا البحر فقد أشار إليه في «نزهة المشتاق» بقوله: وأما البحر الثاني الكبير المعروف بالبحر الشامي فإن مخرجه من البحر المظلم الذي هو في (٥١) جهة المغرب ومبدأه في الاقليم الرابع، ويسمّى هناك بحر الزّقاق لأن سعته هناك تكون ثمانية عشر ميلا، وكذلك طول الزّقاق من جزيرة طريف إلى الجزيرة الخضراء ثمانية عشر ميلا، فيمرّ مشرقا من جهة بلاد البربر بشمال الغرب (٥٢) الأقصى إلى أن يقرب (٥٣) بالغرب الأوسط ويصل إلى أرض افريقية إلى وادي الرّمل إلى أرض برقة وأرض لوبية (٥٤) ومراقية إلى اسكندريّة إلى شمال أرض التيه وأرض فلسطين وسائر بلاد الشام إلى أن ينتهي طرفه إلى السويدية (٥٥) وهو نهايته، ومن هناك ينعطف البحر راجعا إلى جهة المغرب فيتصل بالخليج القسطنطيني إلى جزيرة بلبونس برزنة وهناك يخرج الخليج البنادقي ويتّصل إلى مجاز صقليّة إلى بلاد روميّة إلى بلاد سغونية (٥٦) إلى أربونة. ويجتاز بجبل البركات (٥٧) فيمرّ بشرقي بلاد الأندلس إلى جنوبي وسطها وينتهي إلى الجزيرتين من حيث بدأ.
وطول هذا البحر الشّامي من ابتدائه إلى انتهائه ألفا (٥٨) فرسخ ومائة وستة وثلاثون
_________
(٤٩) في ت وط: «وان».
(٥٠) سورة يس، ٣٨ وأولها: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها.
(٥١) في ت: «من».
(٥٢) في ت وط: «المغرب».
(٥٣) في ط: «يمر».
(٥٤) في الأصول: «لونية» والمثبت من معجم البلدان للحموي، وهي مدينة بين الاسكندرية وبرقة.
(٥٥) كذا في ت وط، ونزهة المشتاق والروض المعطار للحميري، بيروت، ١٩٧٥ «مدينة هي فرضة انطاكية على البحر» ص: ٣٣٠. وفي ش: «سوبدية».
(٥٦) في ط: «شعونية» وفي ت: «سقونية».
(٥٧) في ط: «البرنات».
(٥٨) في ط: «ألف».
1 / 49