أختلف الناس في معرفة الله تعالى، تقع أضرارا أو كسبا.
نذهب ذاهبون: إلى أن معرفة الله تعالى أضطرارية، جبلت في قلب الإنسان، معلقه بالعقل، ولا تنفصل لإستحالة انفصالها عن العقل، وأنه يستحيل أنفصالها عن عقله، كإستحالة زوال بعض أعضائه.
وذهب ذاهبون إلى أن معرفة الله تعالى معرفتان: أولاهما: اضطرارية وهي غريزة. والثانية اكتسابية.
ومن قال: إن معرفة الله تعالى اكتسابية: منهم الشئخ أبو الحسين البسياني. ودليل من قال: إن معرفة الله تعالى اكتسابية: أن الله تعالى لما نصب عليها الدلائل، وأمرنا بالنظر العلمي والذكرى, في تلك الدلائل المنصوبة، وأعد الثواب لمن أمتثل ذلك، والعقاب على المفرط الراد التارك لما أمر به من ذلك، دل أنها اكتسابيات؛ لأن الاضطراريات لا يعد الله تعالى عليها ثوابا، ولا يتوعد عليها عقابا. كما لا يعد على ما خلق فينا من الجوارح، بالثواب، ويتوعدنا عليها بالعقاب فدل عند هؤلاء أن معرفة الله تعالى اكتسابية لا اضطرارية. ومن قال: أولاها: اضظرار خلق من الله. والثانية: اكتساب - من أصحابنا بشير.
الباب الثامن
كيف يستدل بالشاهد على الغائب
قال المؤلف: وذلك أن العاقل إذا رأى نارا، علم أن كل نار كذلك حكمها، كما رأى تلك النار في الشاهد.
وكذلك إذا رأى الحيوان، لا يقع إلا على التناسل، حكم بذلك على على ما غاب عنه من جنس الحيوان، أنه واقع على التناسل. ويستدل بالبناء على الباني، والكتاب على الكاتب، والأثر على المؤثر، وأمثال هذا، مما يستدل بالشاهد على الغائب.
وبالله التوفيق
الباب التاسع
في البارئ عز وجل
هل عرف برسله؟ أم رسله عرفوا به؟
من جامع الشئخ أبي الحسن البسياني:
وسأل فقال: أخبروني عن الله - عز وجل - أعرف برسله؟ أم رسله به عرفوا؟ فقال: بل رسله عرفوا به، وأنه حكيم لا يبعث بكتب الحق كاذبا - تعالى الله.
صفحه ۵