وقيل: لطلب رضى الله، وقوله: { فثم وجه الله } أي فثم الله { ويبقى وجه ربك } أي ويبقى ربك، لأنه تعالى يفني سائره إلا وجهه - تعالى الله عن ذلك.
وقوله: { كل شئ هالك إلا وجهه } أي إلا هو، وبالله التوفيق.
الباب الخمسون
في نفي السمع المعقول عن الله - عز وجل -
السمع: العلم، كقولك للرجل الذي قد سمع كلام زيد، تقول له: اسمع ما يقول، بمعنى اعلم ما يقول زيد، وتيقنه وتثبت ذلك، والسمع الذي من الآدميين: صوت يطرق عصبتي الأذن فيتأدى ذلك الصوت إلى القلب، فذلك عن الله منفي؛ إذ البارئ - - عز وجل - - ليس بصورة، يحتاج إلى ما وصفناه، لضعف جسمه وامتهانة نفسه، إذ لا يقدر على شئ إلا ما دبره مدبر، فهو على ما يدبره به، من تدبير مدبره، الذي هو غيره، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وإنما قال الله تعالى: { ليس كمثله شئ وهو السميع البصير } يعني العليم، والسمع والبصر، من البارئ هاهنا من العلم والسمع، والبصر من البارئ، يوصف بذلك من صفات ذاته - عز وجل - ، لم يزل سميعا بذاته، ولم يزل بصيرا بذاته، لا بشئ سواه، والله تعالى يجل عن ذلك. وبه التوفيق.
الباب الحادي والخمسون
في البصر وتفسيره
والرد على من قال: إن الله بصرا كالخلوقين - تعالى الله عن ذلك
البصر على معان: منه العلم، كقولك للرجل الذي قد سمعت أنت وهو، من زيد كلاما، فقلت لصاحبك: أبصر وانظر ما يقول زيد.
المعنى: إنك اعلم، وليس هنالك شئ يبصر بعين؛ لأنه كلام عرض قد نطق به فخرج وذهب، وإنما يعني اعلم وتبين ما يقول زيد في كلامه.
والبصر: هو النظر بعينه، وذلك عن الله منفي؛ لأن ذلك لا يكون إلا للمخلوقين، لأن الذي يسمع بسمع، ويبصر ببصر محتاج، والمحتاج فقير، والفقير ليس بإله قدير - تعالى الله وجل عن ذلك، وبالله التوفيق.
الباب الثاني والخمسون
في النظر إلى البارئ وتفسيره
صفحه ۴۳