فإن قالوا: على طريق المناسلة والموالدة، فقل لهم: إذا جاز على الإله ما ذكرتموه، لم لا جاز عليه الأكل والشرب، والحركة والسكون، وسائر ما يجوز على الأجسام؟
وإن قالوا: نثبته ابنا على أنه فضل من الله.
قيل لهم: فإذا أثبتموه مخلوقا من جميع الوجوه فما معنى قولكم فيه: إنه فضل من الله؟
فإن رجعوا إلى حدوث معنى؛ فينبغي لهم أن يثبتوا لسائر الأشياء المحدثات من البنوة والفضول، ما للبارئ ما يثبتونه للمسيح.
وإن أثبتوا ابنا، على أنه بعض للبارئ، ويكون المحدث بعضا للقديم.
وإن كان بعض القديم محدثا، فلم لا كان جميعه كذلك.
وإن أثبتوا المسيح بعضا للبارئ، دون غيره من الأجسام.
قيل لهم: فإذا كان المسيح إنسانا محدودا طويلا عريضا مجتمعا، يجوز عليه ما يجوز على البشر، من أحوال البشرية، يجري عليه من طبائعهم الجسمية فما جعله بالآلهة، أولى من غير سائر الرسل؟!
قيل لهم: ولم قلتم ذلك في المسيح دون غيره، وما أنكرتم من أن يكون موسى - عليه السلام - كان إنسانا إلها، وإذا جاز أن يكون المسيح إلها من وجه،
إنسانا من وجه، فما أنكرتم من أن يكون قديما، لم يزل كائنا من وجه محدثا، لم يكن ثم كان، من وجه آخر.
فإن أجابوا إلى ذلك تناقض قولهم: إن مالم يكن ثم كان لم يزل كائنا موجودا، من وجه وما لم يزل كائنا، ثم كان من وجه آخر.
ويقال لهم: إذا جاز أن يكون الشئ إنسانا من وجه، إلها من وجه، محدثا من وجه، قديما من وجه، فما أنكرتم أن يكون الإله الذي دبر العالم إنسانا من وجه لم يكن، ثم كان من وجه، خالقا من وجه، مخلوقا، ربا من وجه، مربوبا من وجه فهذا عين التناقض. وبالله التوفيق.
الباب الأربعون
في الرد على النصارى
قولهم: إذا جاز أن يكون إبراهيم خليلا لله
فكذلك يجوز أن يكون عيسى ابن الله
إن سأل سائل فقال: أليس قد أتخذ الله ابراهيم خليلا؟
قيل له: نعم.
فإن قال: فلم لا يجوز أن يتخذ عيسى ابنا؟
صفحه ۳۵