قيل لهم: هذا باطل، من قبل أن الإله إنما وجب أن يكون إلها، إذ لا مماثل له في الأزاية والقدم والربوبيه، فلو كان مع الله غيره. قديم أزلي فيما لم يزل، لوجب أن يكون ذلك القديم الذي معه مماثلا له، في أخص الأوصاف الألوهية. فيبطل أن يكون الله عز وجل إلها، إذ كان معه غيره في الأزل قديما، كقدمه. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
الباب السابع عشر
في الرد على من قال: إن هذه الأجسام يحدثها محدث
أحدثه الله عز وجل
من بعض الكتب: إن قال قائلون: ما تفكرون أن هذه الأجسام يحدثها محدث، أحدثه الله عز وجل وذلك المحدث جسم.
قيل: الدليل على ابطال ذلك: أن الجسم لا يكون قادرا إلا بقدرة هي غيره، فلو جاز أن يفعل قادر بقدرة شيئا من الأجسام، لكنا نقدر أن نفعل بقدرتنا، بعضا من ذلك لعلمنا أن من كان قادرا بقدرة، فلا يقدر أن يفعل الأجسام.
فإن قال: لم قلتم: إن الجسم لا يكون قادرا إلا بقدرة، هي غيره؟
قيل له الدليل على ذلك: أنه ليس فيما بيننا جسم قادر إلا بقدرة، هي غيره، ولو كان الجسم قادرا بلا قدرة، لكان الجماد وهذه الأجسام بالموات قادرين. وفي استحالة ذلك دليل على أنه لا جسم يقدر إلا بقدرة هي غيره.
الباب الثامن عشر
في الرد على من قال: إن الله خلق خلقه لعلة
الدليل على بطلان ذلك: أن العلة أنما تتصور فيمن يروم دفع مضرة أو استجلاب منفعة. والله عز وجل منزه عن ذلك فلا ضرر يلحقه، ولا نفع يجلبه فلا تتصور في أفعاله علل. والواحد منا يفعل كل ما يفعله، إما يستجلب به منفعة إلى نفسه، أو يروم به دفع مضرة، بخلاف أوصاف البارئ عز وجل.
والدليل على أن العالم المصنوع ليس بمعمول، إنما المصنوع لو كان معلولا لعلة، لولاها لم يكن مصنوعا، لجاز أن تعدم العلة، فيكون مع عدم العلة غير مصنوع، كما أن المتحرك، إذا كان متحركا لعلة، لولاها لم يكن متحركا فهو مع عدم العلة غير متحرك، لكن البارئ عز وجل خلق خلقه على ما يشاء. ولا علة لفعله.
صفحه ۱۰