نور وقاد
النور الوقاد على علم الرشاد لمحمد الرقيشي
ژانرها
المسألة الرابعة : في الدفاع عن مال اليتيم والمرأة والغائب والوقف والمسجد وغيره ممن لا يملك أمره ولم يطلق الدفع عن ماله ففي الأثر في ذلك ثلاثة أقوال المنع من ذلك لأنك سالم من الخطاب عنه والمخاطب به الظالم الآخذ له لقوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) وأما أن كان هلاكه من غير عاقل كنار وبهيمة وماء فعليك الدفع عنه مع القدرة على ذلك ولك أن تدفع عنه ما لم تخف في الدفع هلاك نفسك فإن خفت هلاكها وكان المدفوع ممن لا يملك أمره فلا يجوز لك إهلاك نفسك وإن كان المدفوع من بني آدم فلك الدفاع عنه ولو كان فيه مثلا تلف نفسك ولك أن شاء الله الأجر العظيم والقول الثاني ليس لك الدفع عن مال المذكورين إلى أن يمد الظالم يده عليه فإن مدها فلك أن تدفعه ببعضها وذلك لأنك تيقنت ذلك فأنت منقذ للكل بالبعض لأن لك النظر في صلاحهم وذلك هو عين الصلاح لهم والقول الثالث إذا خفت على أموال المذكورين من هذا الظالم فلك دفعه ببعض المال لبقاء بعضه وأنت غير مخاطب بقدرة الله لأن الله على كل شيء قدير والله أمر بذلك وذلك من التعاون على البر والتقوى وفي كلام الشيخ الخليلي رحمه الله بعد أن قال في الدفاع ولا سبيل على مال امرأة ولا صبي ولا مجنون ولا غائب ولا دفاع عليهم وفي قول أخر فيجوز أن يؤخذ من أموالهم ما يؤخذ من أموال غيرهم إذا كان ذلك دفاعا على الجميع فقد أجاز الفقهاء أن يدافع من أموال هؤلاء المذكورين لسلامة أموالهم نظرا في المصالح وجواز ذلك للدفاع عنهم والذب والحماية لأموالهم أعز للإسلام وأنكى للعدو واكبت لبغاة وأرضى لله تعالى فالجواز أولى كما نطق به الأثر وإنه لصحيح في النظر قلت له وعلى قول من أجاز من مال هؤلاء وفي هذا الموضع فهل من وجه أيضا لأخذه من أموال المساجد والمدارس والوقوفات إذا خيف عليها أن ظفر بها العدو على المصر أن تجاز وتبدل توكل ولا يوضع شيء منها في محله قال نعم فالاختلاف فيها كما سبق وقد أجيز أن يدفع بالبعض من مالها لسلامة الأكثر فالأخذ منها للحماية بالسيف أولى وأظهر قلت له ومن هذا القبيل ما عمل به الأشياخ المتأخرون من كفت الافلاج لمدافعة الجبار الجائر بها عن الرعية في موضع الخوف عليها وفيها الغائب واليتيم والوقف وغيره وقد أجازوه على الجميع ويرفع ذلك عن الشيخ أحمد بن مفرج قال هكذا عندي أنهم عملوا ذلك في دفع الجبار ببعض المال وقاس عليه الصبحي جواز ذلك لدفعه بالقتال فكان حسنا من قوله جزاه الله عن المسلمين خيرا قلت له وما جاز من هذا أن تقعد له الأفلاج وتكفت فهل يجوز على أصول الأموال فيسلم كل أحد على قدر صلب ماله قال هكذا قيل وصرح به الصبحي حتى قال في كتاب منهاج العدل أن الرجل يقوم بيته ليؤخذ منه قدر ما يملك إذا لم يجحف بمؤنته ومؤنة أهله ومن يلزمه عوله انتهى واللفظ له قلت له إذا جاز أن يكون ذلك على الأصول بقدر القيمة أفلا يجوز أن يكون على قدر الغلة فيرتب في أخذه على قدر ذلك قال هكذا عندي أن كان دفع بمال أو لحماية وقتال فكله سواء قلت له فالتجارة والنقود هل يجوز أن تشارك الأصول فيكون لها حكمها قال هكذا عندي وإن لم أجده عن غيري ولكنني لا أرى حكم الأموال إلا على سواء في ذلك فبأي معنى يلزم الأصول ما لا يلزم غيرها من ذلك من غير دليل ولا حجة توجبه قلت له فالحيوان والعروض كذلك قال هكذا يظهر لي في ذلك قلت له ولأي معنى خصت الأصول بذلك قال لأنها معظم الأموال عند أهل عمان فالتفاتهم إليها أكثر ونظرهم إليها في اللازم أوفر حتى كأنهم لم يعتدوا بغيرها لقلته وكثرتها فالاشتغال بما لا طائل تحته تركه أولى وإنما ذكرناه لبيان الجواز وطردا للقاعدة والله أعلم قلت له وهل لما عمل به هؤلاء الأشياخ من جواز الدفاع بشيء من الأموال أصل في السنة أم كيف الوجه قال الله أعمل وقد يروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قد أراد أن يدفع المشركين عن المدينة المشرفة صلحا على الثلث من ثمارها فاحتج به على جواز ذلك في موضع الضرورة إليه ولولا أنه لم يكن جائزا لم يرد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن يفعله والمدينة مصر جامع ولم تجد مصرا يخلو من أحد لا يملك أمره غالبا وما كان تركه الصلح لعدم جوازه ولكن لما ظهر له من شدة في أصحابه وجراءة على العدو وعدم مبالاتهم بكثرة الخصم وشدة البأس انتهى ما نقلناه من كلام المحقق الخليلي وبه كفاية ووجد نقلا عن الشيخ صالح رحمه الله في هذا المعنى ونصه وهل على الحرث إذا بغت عليهم المساكرة أن يقعدوا الافلاج ويحربرهم بذلك إذا امتنع رجالهم عن القيام بما يحتاجه الحرب والدفع هاهنا إذا خيف ضياع البلد وأهلها بدون ذلك قلت الله أعلم وفي نظري القاصر أنه يجوز لأهل السفالة كلهم قعد أفلاجهم ليحربوا المساكرة إذا بغوا عليهم والحالة هذه التي ذكرتها لأنه لا شك بترك ذلك يحصل الضرر على اليتيم والغائب والمسجد وعلى جميع من فيها لأن بعضها متعلق ببعض وما هي إلا كالسجد الواحد والمساكرة ينالون الجميع بالضرر ولا ريب فلج أبو رحلين كذلك قيل وأهل المضيرب وبقية الحرب هل يقعدون أفلاجهم لهذا الحرب إلا إذا تعذر الرجال بأمر الحرب كما تعلم أنت وتشاهد قلت الله أعلم وهذه أبعد في الجواز معي من الأولى لعدم الضرر على عامة هؤلاء إذا لم تكن لذلك سنة متقدمة على الافلاج بذلك ولا أعلمها إلا على فلج المضيرب في بعض الصور وأهله أعلم بذلك والقابل وعز وجائز عليها من قعد الجمعة لأني قد استرضيت أهلها جميعا لإيقاف الجمعة منهما فرضوا إلا أناسا قليلا منهم وسنسترضيهم أن شاء الله حتى يرضوا وفي الحال أنا أعطيهم ما ينوبهم من ماله أن أخذت من الفلجين شيئا مستمسكا برأي في ذلك من العلماء والله أعلم فإن امتنع بقية الحرث كما تعلم عن المقاومة أهل السفالة ولم يناصروهم بالرجال والمال وقع الخلل على أهل السفالة وضاعوا وإن ناب بقية الحرث حرب من جعلان وغيرها فيتشتتون إذا لم يناصروهم وتخرج البادية عنهم والحرث كما تعلم أنهم بدون البادية لا تقوم لهم قائمة والحرث محيطة بهم الخصوم ولا يقوم البعض منهم بدون البقية فهل من رخصه لنبذلها لهم في حمل النوائب والحروب لنوازل من مدافعة لصلح أو حرب أو عدة لحرب مع نفع بدوي أو غرامة عنه إذا نابته يدخر لحاجتهم إذا خيف الضياع عليهم بدون ذلك من قعد الافلاج افلاج الحرث كلها أم لا وجه البته قلت الله أعلم وقد منت أقول للحرث إذا نابهم مثل ذلك هذا عليكم يا أهل السفالة كذا ويا أهل المضيرب كذا وبقية أهل البلدان كذلك وبأنفسهم يرتبون شغلهم وأنا لا أقبض منهم شيئا بل آمر من له الحاجة أن يأخذها من أولئك بنفسه وهم المسئولون عنها وأنا في سلامة من الدخول في ذلك وشاورت في ذلك الصنيع شيخنا الخليلي فقال لا إثم عليك ولك نية الخير ولعل الرخصة لا تنعدم أصلا منه مع توقع ما ذكرت أو ما شاهدته من تشتيت القبيلة وظهور البغاة عليهم من كل جهة ولا أرى الرخصة هنا إلا حاصلة أن لم يبدل الله حالا غير ما نراه في الحال وعلى القائم أن ينظر لله وفي الله وأن يتجافى صل إنما هي في الدفاع بمال من لا يملك أمره في المصالحة وإنما قاس القدوة الصبحي رحمه الله عليها مسألة المحاربة مع خوف ظهور العدو على من لا يملك أمره أو على ماله أو عليهما والمساكرة وبقية الغافرية ولا يتوصلون إلى ضياع الأموال كلها وإنما قدرة المساكرة مقصورة على أفلاج الحرث وبعض أموالها وقد أجاز ذلك العالم الصبحي وتبعه على ذلك الشيخ الخليلي في دفع الجبابرة القائمين على عمان كأهل نجد وغيرهم من الذين هم مثلهم فكيف لك أن تطردها في حرب القبائل وهم دون ذلك وبطشهم لا يعم الجميع إذا جاؤا على خيل أو بغير فأخذوا الشاذ والخارج من البلدان فكيف هذا قال الله أعلم لكن الأسباب تتداعى والضياع يكثر ولا يؤمن وعمان لابد لها من مصادمة عنها وعن حريمها وإلا فإلى الذل والشتات مال أهلها والشرع نهى عن التخمل وعدم الذب عن انتهاك الحرمات والجامع لجواز الأخذ من مال من لا يملك أمره ومن مال النساء للدفع بالصلح أو الحرب هو الخوف عليهم أو على مالهم إذا كان الخصم قاصدا للجميع ولو كان بعض ذلك في الحال ممتنع ومتوسط في الدار والخوف في الظاهر على غيره وسواء خيف ذلك من جبار كبيرا ومن هو دونه كمثل القبائل والقبائل إذا لم تصدم بالحرب والقتل فلا شك أنها لتصنع أعظم مما تصنعه الجبابرة والأكاسرة من الفساد فأنظر إلى الجنبة الدروع والظلمة آل وهيبة بما يفعلون فيمن عجز عن مصادمتهم من الفقراء بتلك الأطراف الغربية وهاك ما قاله شيخنا الخليلي لوالي الإمام عبد الله بن محمد بن راشد الهاشمي حيث أمره بوضع ما يحتاجه الإمام عزان بن قيس رضي الله عنه لحرب أهل الحزم لما حاصرناه وهذا نصه وكتب الشيخ سعيد لوالي الإمام عبد الله بن محمد الهاشمي وما ذكرت من قبل الرمية التي للحزم فإن جعلت على الأغنياء فجائز وإن جعلت على الأموال ومن مال من لا يملك أمره كل على قدره فجائز فالأول جهاد والثاني دفاع اليعاربة عن الرستاق ببغيهم المشهور وهو غير منكور وعسى الله أن ييسر المخرج فإنه لطيف بعباده انتهى بلفظه فهذا في عصر الإمام عزان بن قيس رضيه الله تعالى وهو إذ ذاك حاكم المصر كله وفي ذلك الوقت لا خوف من اليعاربة أهل الحزم على الرستاق وما يطلبون إلا سلامة أنفسهم من الإمام وما كان بغيهم في أيامه مما يحذر منه على استئصال الرستاق وغشيانها كلها وإنما هم أحيانا يتجبرون على أهلها بالسرقة والسؤال والتخويف وبعض العقوبات القليلة وتحسين الضيافة باللحم والحلوى وقد أجاز الشيخ الآخذ من مال من لا يملك أمره من أهلها لحرب أهل الحزم واستئصالهم وقطع تلك الشافة وزوال جرثومتها من أصلها لئلا يعودوا لمثل ذلك وفي النيل وشرحه جواز المصالحة والضيافه عطاء المجبر والجبر عليها من مال من لا يملك أمره لنظر المصلحة وأن خيف على مال البعض منهم إذا كانوا مقصورين بذلك وأنظر ما قاله أشياخنا المتأخرون ناصر بن خميس وحبيب ابن سالم من إلزام من امتنع من أهل دكاكين السوق من إعطاء أجرة الحارس إذا اتفق جبهة التجار عليها ولم يعذروه ولو كان دكانه وسطهن وما هذا إلا من ذاك فإنه باب واحد ومسألة واحدة فيما يطهر لي وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما بنى جواز مثل هذا إلا باعتبار المصلحة العامة مع ذكر الهبة وزعم بعضهم أن من أخذ من مال اليتيم أم المجنون أو الغائب أو الكاره الذي لم يطلب نفسه بما ينووه آثم والصحيح أنه لا أثم عليه لأن في ذلك تنجية لهم وإن لم يعطوا أخذ الجبار أموالهم وأموال غيرهم وقد اشتركوا في مصالح البلد فمن أين يلزم الناس الدفع عنهم وقد طلبهم الجبار في أموالهم وأنفسهم أو في أموالهم أو أنفسهم فإذا ثبت خراج الجبار ولم يقدر عليه أجازوا لمن يجمعه من أموال الناس كلهم إلا من استثناه الجبار الظالم وجاز أن يقول الإنسان لذلك الظالم أفعل بهم كذا ليعطوا مما ليس سلبا ولا قتلا مثل أن يقول أمنعهم الرعي حتى يعطوا إذا كان في امتناعهم مضرة البلد كما فعل الشيخ رحمه الله ويأتي في كتاب الأخير في باب المداهنة والمداراة أنه يجوز أن يعطوا المداراة من مال اليتيم والغائب والأرامل أو بلفظه فلينظر في قوله أو أموال غيرهم فإن فيه دليلا على ما قلناه وأنظر إلى ما قاله العلماء من أهل عمان إنه إذا اغتصب الجبار خبورة من الفج أو قطعها الوادي السائل فذهبت على أهلها أن ذلك يذهب من مال جميع أهل الفلج وسموه كسورا ولم يجعلوه على أهل الخبورة وحدهم إذا كان أخذ الجبار ذلك من مال الجميع وما هذه إلا ما ذكرناه وفي موضع عن الإمام بن يوسف فقال وما اتفق عليه المسلمون جبر الحاكم عليه الناس ولو غاب ولم يحضر ويجبر أيضا على أصلاح ما فسد من المنزل والبئر والطريق فأنظروا يا معشر المسلمين في هذه الكلمات الوجيزة المجلمة وما تحتها من أنواع عديدة وما هي إلا شاهدة على ما قلنا والله أعلم نقلا عن الشيخ صالح بلفظه وأقول في الأثر المشرقي كثير من هذا الباب ومنه ما قاله الشيخ موسى بن علي رحمه الله في جبر من كان زرعه في وسط زروع الناس وامتنع عن أجرة الشوافة يجبر على إعطاء منابة من ذلك والله أعلم .
( ولا يصح قتال الفرقتين على حق معا ويصح العكس فاحتفلا )
( وقد تحق التي تبغي برجعتها عن بغيها لإمام أو لمن عدلا )
( وصح إبطال من حقت إذا رجعت من قاتلتها فلم تذعن لما نزلا )
( وكافر من أعان المفتنين ومن رضى بفتنتهم فالكل قد خذلا )
معنى الأبيات لا يصح أن تتقاتل فئتان وكل منهما محقة إذا كان القتال من باب واحد في شيء واحد ، في جهة واحدة ويصح أن اختلفت الجهات والأبواب ويصح العكس أي بغى الفرقتين جميعا وتبطل المحقة إذا رجعت الأخرى وأذعنت للأحكام الشرعية على يد حكام المسلمين ولم تقبل المحقة منها ذلك وتحق المبطلة برجوعها وإذعانها إلى الشرع هذا وفي المقام مسائل .
المسألة الأولى : قال في النيل وشرحه باب لا تحق الفئتان أي لا تكون الفئتان معا محقتين في تقاتلهما و لا في غير تقاتل من جهة واحدة في وقت واحد في نفس الأمر وأما ما بحسب الظاهر لكل واحدة مع أن الله أباح لهما ذلك بحسب ما يظهر لهما فواقع مثل أن تقاتل قوما بقول أمين أو الأمناء أنهم بغاة فلك قتالهم ولهم قتالك وأنت محق بقول الأمناء وهم محقون لبراءتهم من البغي لكن الأمناء غلطوا وتعمدوا واختلط عليهم وأنت مبطل لا يعاقبك الله لأنك عملت بالأمناء وهم محقون لبراءتهم من البغي ووجه ذلك أن الله أمرك بقبول قول الأمناء وإن كان قولهم ظنيا لأن العمل جائز بقولهم والدليل على قبول قول الأمينين قوله وأشهدوا ذوي عدل منكم ومن السنة قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) شاهداك أو يمينه والله أمر عباده أن يردوا الأمور إليه أي إلى كتابه وإلى الرسول فما على المكلف فوق ذلك شيء وإن كان الباطن بخلاف الظاهر والله أعلم .
صفحه ۱۱۰