أي: أن فرس أبيك يسقى قعبًا من لبن عليه ذنوب من الماء ولا يخدم بالمعالجة فلذا هلك.
وقال الأخنس بن شهاب:
ترى رائدات الخيل حول بيوتنا ... كمعز الحجاز أعوزتها الزرائب
فيغبقن أحلابًا ويصبحن مثلها ... فهن من التعداء قب شواذب
وقال القطامي:
ونحن نرود الخيل وسط بيوتنا ... ويغبقن محضًا وهي محل مسانف
المسانف: القحط.
وقال الفجيجي صاحب السلوانية:
وخيلي حليب الشول صرفًا شرابها ... وصافي النصي رعيها لا المزارع
وتعلف مبيض الشعير وأنتقي ... لها من نبات الأرض ما هو نافع
الشول: الإبل، وشرب حليبها يقوي عصب الإنسان والخيل وينقص اللحم.
وقال سيدي الوالد قدس الله سره:
يا عاذرًا لامرئٍ قد هام في الحضر ... وعاذلًا لمحب البدو والقفر
لا تذممن بيوتًا خف محملها ... وتمدحن بيوت الطين والحجر
لو كنت تعلم ما في البدو تعذرني ... لكن جهلت وكم في الجهل من ضرر
أو كنت أصبحت في الصحراء مرتقيًا ... بساط رمل به الحصباء كالدرر
أو جلت في روضة قد راق منظرها ... بكل لون جميل شيق عطر
تستنشقن نسيمًا طاب منتشقًا ... يزيد في الروح لم يمرر على قذر
أو كنت في صبح ليل هاج هاتنه ... علوت في مرقب أو جلت بالنظر
رأيت في كل وجه من بسائطها ... سربًا من الوحش يرعى أطيب الشجر
فيا لها وقفة لم تبق من حزن ... في قلب مضني ولا كد لذي ضجر
نباكر الصيد أحيانًا فنبغته ... فالصيد منا مدى الأوقات في ذعر
فكم ظلمنا ظليمًا مع نعامته ... وإن يكن طائرًا في الجو كالصقر
يوم الرحيل إذا شدت هوادجنا ... شقائق عمها مزن من المطر
فيها العذارى وفيها قد جعلن كوى ... مرقعات بأحداق من الحور
تمشي الحداة لها من خلفها زجل ... أشهى من الناي والسنطير والوتر
ونحن فوق جياد الخيل نركضها ... شليلها زينة الأكفال والخصر
نطارد الوحش والغزلان نلحقها ... على البعاد وما تنجو من الضمر
نروح للحي ليلًا بعد ما نزلوا ... منازلا ما بها لطخ من الوضر
ترابها المسك بل أنقى وجاد بها ... صوب الغمائم بالآصال والبكر
نلقى الخيام وقد صفت بها فغدت ... مثل السماء زهت بالأنجم الزهر
قال الأُلى قد مضوا قولًا يصدقه ... نقل وعقل وما للحق من غير
الحسن يظهر في بيتين رونقه ... بيت من الشعر أو بيت من الشعر
أنعامنا إن أتت عند العشي تخل ... أصواتها كدوي الرعد بالسحر
سفائن البر بل أنجى لراكبها ... سفائن البحر كم فيها من الخطر
لنا المهارى وما للريم سرعتها ... بها وبالخيل نلنا كل مفتخر
فخيلنا دائمًا للحرب مسرجةً ... من استغاث بنا بشره بالظفر
لا نحمل الضيم ممن جار نتركه ... وأرضه وجميع العز في السفر
وإن أساء علينا الجار عشرته ... نبين عنه بلا ضر ولا ضرر
تبيت نار القرى تبدو لطارقنا ... فيها المداواة من جوع ومن خصر
عدونا ماله ملجأ ولا وزر ... وعندنا عاديات السبق والظفر
شرابها من حليب لا يخالطه ... ماء وليس حليب النوق كالبقر
أموال أعدائنا في كل آونة ... نقضي بقسمتها بالعدل والقدر
ما في البداوة من عيب تذم به ... إلا المروءة والإحسان بالبدر
وصحة الجسم فيها غير خافية ... والعيب والداء مقصور على الحضر
من لم يمت عندنا بالطعن عاش مدًا ... فنحن أطول خلق الله في العمر
وكان أشراف العرب يخدمون الخيل بأنفسهم لا يتكلون على أحد سواهم. قال الأعشى يمدح النعمان بن المنذر:
ويأمر لليحموم كل عشية ... بقت وتعليف فقد كان يسنق
أي: مع شرفه وعزة سلطانه، كان يفتقد فرسه، والسنق: التخمة، فإن لم يكن حاضرًا يخدمنها عائلته.
وكتب سليمان بن هشام بن عبد الملك إلى والده، إن فرسي قد ضعف فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لي بغيره. فكتب إليه والده إن أمير المؤمنين قد فهم ما ذكرت من ضعف فرسك، وظن أن ذلك من قلة تعهدك له فقم عليه بنفسك.
وقال حسان بن ثابت ﵁:
1 / 7