ذو رضا مستتر في غضب ... ذو وقار منطوٍ في خرق
وعلى خدٍ كعضبٍ أبيض ... أذن مثل سنان أزرق
كلما نصبها مستمعًا ... بدت الشهب إلى مسترق
حاذرت منه شبا خطيةٍ ... لا يجيد الخط ما لم يمشق
كلما شامت عذار خده ... خفقت حفق فؤادٍ أفرق
في ذرى ظمآن فيه هيف ... لم يدعه للقضيب المورق
يتلقاني بكف مصقعٍ ... يقتفي شأو عذارٍ مقلق
إن يدر دورة طرفٍ يلتمح ... أو يجل جول لسان ينطق
عصفت ريح على أنبوبه ... وجرت أكعبه في زنبق
كلما قلبه باعد عن ... متن ملساء كمثل البرق
جمع السرد قوى أزرارها ... فتآخذن بعهدٍ موثق
أوجبت في الحرب من وخز القنا ... فتوارت حلقًا في حلق
كلما دارت بها أبصارها ... صورت منها مثال الحدق
زل عنه متن مصقول القوى ... يرتمي في مائها بالحرق
لو نضى وهو عليه ثوبه ... لتعرى عن شواظٍ محرق
أكهب من هبوات أخضر ... من فرند أحمر من علق
وارتوت صفحاه حتى خلته=بحميا من لكفيك سقي
يا بني معن لقد ظلت بكم ... شجر لولاكم لم تورق
لو سقي حسان من إحسانكم ... ما بكى ندمانه في جلق
أو دنا الطائي من حيكم ... ما حدا البرق لربع الأبرق
وقال امرؤ القيس:
وعين كمرآة الصناع تديرها ... بمحجرها من النصيف المنقب
الصناع: الحاذقة، والمحجر من العين: ما دار بها، والنصيف: شعر الجبهة.
وقال المتنبي:
تنام لديك الرسل أمنًا وغبطةً ... وأجفان رب الرسل ليس تنام
حذارًا لمعروري الجياد فجاءةً ... إلى الطعن قبلًا ما لهن لجام
تعطف فيه والأعنة شعرها ... وتضرب فيه والسياط كلام
وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا ... إذا لم يكن فوق الكرام كرام
وقال ابن دريد:
شعثًا تعادى كسراحين الفضا ... قبل حماليق يبارين الشبا
الشعث: المغبرة، وتعادى: من العدو، والسراحين: الذئاب، والحماليق: بواطن الأجفان، والقبل: ميل النظر إلى الأنف في الخيل، وإذا كان في الإنسان سمي خزرًا. قال المتنبي:
والقوم في أعينهم خزر ... والخيل في أعيانها قبل
وقال آخر:
إذا تخازرت وما بي من خزر ... ثم كسرت العين من غير عور
ألفيتني ألوي بعيد المستمر ... كالحية الصماء في أصل الشجر
وقال ابن الأطنابة:
إني من القوم الذين إذا انتدوا ... بدؤوا بحق الله ثم النائل
المانعين من الخنا جاراتهم ... والحاشدين على طعام النازل
والخالطين فقيرهم بغنيهم ... والباذلين عطاءهم للسائل
والضاربين الكبش يبرق بيضه ... ضرب المهجهج عن حياض الآبل
والقاتلين لدى الوغى أقرانهم ... إن المنية من وراء القاتل
والقائلين فلا يعاب كلامهم ... يوم المقامة بالقضاء الفاصل
خزر عيونهم إلى أعدائهم ... يمشون مشي الأسد تحت الوابل
ليسوا بأنكاسٍ ولا ميل إذا ... ما الحرب شبت أشعلوا بالشاعل
وقال عنترة العبسي:
ولرب مشعلة وزعت رعالها ... بمقلص نهد المراكل هيكل
سلس المعذر لاحق أترابه ... متقلب عبثًا بفأس المهجل
وكأن هاديه إذا استقبلته ... جذع أذل وكان غير مذلل
وكأن مخرج روحه في وجهه ... سربان كانا مولجين لجيال
وكأن متنيه إذا جردته ... ونزعت عنه الجل متنا أيل
وله حوافر موثق تركيبها ... صم الصخور كأنها من جندل
وله عسيب في سبيبٍ سابغ ... مثل الرداء على الفتى المتفضل
سلس العنان إلى القتال وعينه ... قبلاء شاخصةٌ كعين الأحول
وكأن مشيته إذا نهنهته ... بالنكل مشية شارب مستعجل
فعليه اقتحم الوقيعة خائضًا ... فيها وأنقض انقضاض الأجدل
وتوصف بحدة النظر قال المتنبي:
وينظرن من سود صوادق في الدجى ... يرين بعيدات الشخوص كما هيا
ومن ذلك قول العرب أبصر من فرس دهماء في ليلة ظلماء، ويقال أسمع من فرس بهماء. وقال عدي بن زيد:
له قصة فشغت حاجبيه ... والعين تبصر ما في الظلم
1 / 36