نور الهدى وظلمات الضلال في ضوء الكتاب والسنة
نور الهدى وظلمات الضلال في ضوء الكتاب والسنة
ناشر
مطبعة سفير
محل انتشار
الرياض
ژانرها
ويزيد لك وضوحًا ما بيّنه الإمام القرطبي ﵀ حيث قال: «يمكن أن تحمل على ظاهرها، فيكون معنى سؤاله: أن يجعل الله له في كل عضو من أعضائه نورًا يوم القيامة يستضيء به في تلك الظلم، هو ومن تبعه، أو من شاء الله ممن تبعه، والأولى أن يقال: هذه الأنوار هي مستعارة للعلم والهداية، كما قال تعالى: ﴿أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ (١)، وكما قال تعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ (٢) أي علمًا وهداية»، ثم قال: «والتحقيق في معنى النور مظهرٌ ما ينسب إليه، وهو يختلف بحسبه، فنور الشمس: مظهرٌ للمبصرات، ونور القلب: كاشفٌ عن المعلومات، ونور الجوارح: ما يبدو عليها من أعمال الطاعات، فكأنه دعا بإظهار الطاعات عليها دائمًا، والله أعلم» (٣).
وذكر الطيبي ﵀: أن معنى طلب النور للأعضاء: عضوًا عضوًا، أن يتحلَّى بأنوار المعرفة والطاعة، ويتعرّى عن ظلمة الجهالة والمعاصي؛ فإن الشياطين تحيط بالجهات الست بالوساوس، فكان التخلص منها بالأنوار السادَّة لتلك الجهات، وكل هذه الأنوار راجعة إلى الهداية، والبيان، وضياء الحق، وإلى مطالع هذه الأنوار يرشد قوله تعالى (٤): ﴿الله نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي
_________
(١) سورة الزمر، الآية: ٢٢.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٢٢.
(٣) المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٢/ ٣٩٥.
(٤) انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، ٤/ ١١٨٣، وفتح الباري، لابن حجر، ١١/ ١١٨.
1 / 53