المال والحكم في الإسلام
المال والحكم في الإسلام
ناشر
المختار الإسلامي للطباعة والنشر والتوزيع
شماره نسخه
الخامسة
سال انتشار
١٣٩٧ هـ - ١٩٧٧ م
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
ولقد حدد بعضهم حاجة المستخلف على المال بالحاجة اليومية، وحددها البعض بالحاجة الشهرية وحددها آخرون بحاجة السَّنَةِ، وحجتهم أن النبي ﷺ ادَّخَرَ لأهله قوت سَنَةٍ.
وإذا كان كل ما زاد عن حاجة المستخلف على المال محلًا للإنفاق فينبغي أن تعلم أن إنفاق
هذا الزائد لا يجب إلا إذا استوجب الإنفاق حاجة الغير إليه، فإذا لم يكن بالغير حاجة إلى الفضل كان لمن في يده المال أن ينفق منه طَوْعًا ما شاء ولو أتى على كل الفضل، أما إذا كان بالغير حاجة إلى الفضل فليس لمن في يده المال أن يأخذ من الفضل شيئًا وإلا كان آخذًا غير حقه، وهذا ما فهمه أبوسعيد الخدري صاحب رسول الله حين سمعه يقول: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «فَذَكَرَ - أي الرسول - مِنْ أَصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنْ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ».
وللحكومة الإسلامية بعد أن تأخذ من فضول أموال الأغنياء فتردها على الفقراء ولو لم يكونوا بحاجة إليها إذا اقتضت مصلحة عامة تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢]. وهذا هو ما رآه عمر ﵁ قبيل وفاته، فقد أثر عنه قال: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لأَخَذْتُ فُضُولَ أَمْوَالِ الأَغْنِيَاءِ، فَقَسَمْتُهَا عَلَى الفُقَرَاءِ».، وكان عمر يرى هذا
1 / 62