نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر

القاضی التنوخی d. 384 AH
143

نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر

نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر

72 من مكارم أخلاق الأمير سيف الدولة

أخبرني طلحة بن عبيد الله بن قناش، قال:

كنت يوما في مجلس حديث وأنس، بحضرة سيف الدولة، أنا وجماعة من ندمائه، فأدخل إليه رجل، وخاطبه، ثم أمر بقتله، فقتل في الحال.

فالتفت إلينا، وقال: ما هذا الأدب السيئ، وما هذه المعاشرة القبيحة التي نعاشر ونجالس بها؟كأنكم ما رأيتم الناس، ولا سمعتم أخبار الملوك، ولا عشتم في الدنيا، ولا تأدبتم بأدب دين ولا مروءة.

قال: فتوهمنا أنه قد شاهد من بعضنا حالا يوجب هذا، فقلنا:

كل الأدب إنما يستفاد من مولانا أطال الله بقاءه-وهكذا كان يخاطب في وجهه-وما علمنا أنا عملنا ما يوجب هذا، فإن رأى أن ينعم بتنبيهنا، فعل.

فقال: أما رأيتموني، وقد أمرت بقتل رجل مسلم لا يجب عليه القتل، وإنما حملتني السطوة والسياسة لهذه الدنيا النكدة، على الأمر به، طمعا في أن يكون فيكم[رجل] (1) رشيد فيسألني العفو عنه، فأعفو، وتقوم الهيبة عنده وعند غيره، فأمسكتم حتى أريق دم الرجل، وذهب هدرا.

قال: فأخذنا نعتذر إليه، وقلنا: لم نتجاسر على ذلك.

فقال: ولا في الدماء؟ليس هذا بعذر.

فقلنا: لا نعاود.

واعتذرنا حتى أمسك.

صفحه ۱۴۳