بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر وأعن الحمد لله الواحد العدل، وصلى الله على محمد نبيه خاتم الرسل ، وعلى آله الطيبين ذوي الطهارة والفضل.
هذه ألفاظ تلقطتها من أفواه الرجال، وما دار بينهم في المجالس، وأكثرها مما لا يكاد يتجاوز به الحفظ في الضمائر، إلى التخليد في الدفاتر، وأظنها ما سبقت إلى كتب مثله، ولا تخليد بطون الصحف بشيء من جنسه وشكله، والعادة جارية في مثله، أن يحفظ إذا سمع ليذاكر به إذا جرى ما يشبهه ويقتضيه، وعرض ما يوجبه ويستدعيه.
ولعل قارئها والناظر فيها أن يستضعفها إذا وجدها خارجة عن السنن
المعروفة في الأخبار، والطريق المألوف في الحكايات والآثار، الراتبة في الكتب، المتداولة بين أهل الأدب، ولا سيما ما لم يعلم السبب الذي رغبني في كتبها، وهو أني اجتمعت قديما مع مشايخ فضلا، علماء أدباء ، قد عرفوا أحاديث الملل، وأخبار الممالك والدول، وحفظوا مناقب الأمم ومعايبهم، وفضائلهم ومثالبهم، وشاهدوا كل فن غريب، ولون طريف
عجيب، من أخبار الملوك والخلفاء، والكتاب والوزراء، والسادة والأمراء، والرؤساء والفضلاء، والمحصلين والعقلاء، والأجواد والبخلاء، وذوي الكبر والخيلاء ، والأشراف والظرفاء ، والمخرفين والجلساء ، والمحادثين والندماء، والأذكياء والفهماء، والأسخياء والكرماء، والسفهاء والحلماء، والفلاسفة والحكماء ، والمتكلمين والعلماء ، والمحدثين والفقهاء ، وأهل الآراء والأهواء ، والمتأدبين والأدباء، والمترسلين والفصحاء، والرجاز والخطباء، والعروضيين والشعراء، والنسابين والرواة، والحفاظ والدراة ، واللغويين والنحاة، والشهود والقضاة ، والأمناء والولاة ، والمتصرفين والكفاة، والفرسان والأمجاد، والشجعان والأنجاد، والجند والقواد،
وأصحاب القنص والاصطياد، والجواسيس والمتخبرين ، والسعاة والغمازين ، والوراقين والمعلمين، والحساب والمحررين ، والعمال وأصحاب الدواوين ، والتناء والمزارعين، وأرباب الخراج والأرضين، والأكرة
والفلاحين، والمتكلمين على الطرق ، [وأصحاب الحادور والحلق] ، والواعظين والقصاص ، وذوي التنمس والإخلاص ، وأهل الصوامع والخلوات، والسياح في الجبال والفلوات، والنساك والصالحين، والأبدال والمتفردين،
والمريدين والمخبتين ، والعباد
والمتبتلين ، والزهاد والمتوحشين ، والصوفية ، والمتواجدين ، والأئمة والمؤذنين ، والقراء | والملحنين ، والرجحاء والمبرزين ، وأهل النقص والمقصرين ، والأغنياء والمملقين ، | والأغبياء والمتخلفين ، والفطناء والمتقدمين ، والشطار والمتقين ، وأصحاب العصبية | والسكاكين ، وقطاع الطريق والمتلصصين ، والجيران والمتغربين ، وأهل الخسارة | والعيارين ، ولعاب النرد والشرنجيين ، والملاح والمتطايبين ، والمسامرين والمضاحكين ، | وأصحاب النادرة والمضكين ، والمورثين والمبذرين ، والطفيلية والمتطرحين ، والأكلة | والمواكلين ، والشراب والمعاقرين ، والمغنيات والمغنين ، والرقاصين والمخنثين ، وأصحاب | الستائر والمقينين ، والمتقاينين والمستمعين ، وأهل الهزل والمتخالعين ، والمجان والمجانين ، | والبله والمغفلين ، والمفكرين والموسوسين ، وأهل المذهب والسوداويين ، والمشعبذين | والمحتالين ، والمللحدة والمنبين ، والأطباء والمنجمين ، والكحالين والفصادين ، والأساة | والمجبرين ، ومعالجي الجرائح والقمائحيين ، وأصحاب الزجر ، والزراقين ، وأهل القرعة | والمقالين ، والطواف بالسهام والمفسرين ، والشحاذين والمجتدينن والمجدودين والمحدودين ، | والسعاة والمسافرين والمشاة والمتغربين ، والسباح والغواصين ، والبانانية والملاحين | وسلاك البحار والمفازات ، وأهل المهن والصناعات ، والمياسير والفقراء ، والتجار | والأغنياء ، والفواصل من النساء ، وحرائرهن والإماء ، وخواص الأحجار والحيوانات ، | وغريب الأدوية والعلاجات ، والرقي والنيرنجيات ، والأحاديث المفرادات ، وشاذ | الاتفاقات ، وطريف المنامات ، وشريف الحكايات ، وغير ذلك من ضروب أحاديث | أهل الخير والشر ، وبعدا وقربا .
وكان القوم الذين استكثرت منهم ، وأخذت ذلك عنهم ، يحكونه في أثناء | مذاكراتهم ، وفي عرض مجاراتهم ، وبعد انقضاء ملحهم وآدابهم ، والخوف من ملل | يلحق السامعين لعلومهم وحكمهم ، نفيا للمساكنة ، واجترارا للمثافنة ، وصلة | للمجالسة ، وفتحا للمؤانسة ، وسبرا لأحاديث الدنيا : ماضيها وباقيها ، وتواصفا | لسير أهلها وما جرى فيها ، وتمثيلا بين ما شاهدوه منها ، وسمعوه عنها ، وعابوه من | فعلها وعانوه من تقلبها ، وقاسوه من تصرفها ، وأخبروا به من عجائبها ، ويوردون | كل فن من تلك الفنون على حسب ما تقتضيه المحادثة ، وتبتغيه المفاوضة ، فأحفظ | عنهم ذلك في الحال وأتمثل به وأستفيده في أحوال .
صفحه ۱