مساقط ريبون.
وإذا كان النيل ينال جميع مائه من بحيرات فما هو مصدر ماء هذه البحيرات، وإذا كان يأتيها من الأنهار ماء أقل مما يأتيها من المطر فما هو مصدر هذا المطر؟ لا تزال هذه الأسئلة موضع جدال واختلاف.
والآن يعتقد أن مصدر أمطار حوض النيل هو جنوب المحيط الأطلنطي، ويظل التبخر
9
والتكاثف، الناشئان عما بين البحر والأرض من توتر، متوازنين إجمالا لا تفصيلا، وهنالك صراع بين التبخر وتكون الأنهر وجريها نحو البحر، ولعمق الصحن شأن في هذه الدورة التي تشتمل على ثلث أمطار الأرض، ولا يزيد عمق بحيرة فيكتورية على تسعين مترا، ويتبخر من هذه البحيرة أكثر مما تأخذ، فيعد مهندسو النيل هذا النقص المستمر من المسائل الخطيرة. والحق أن لبحيرة فيكتورية شكلا خاصا بها به جوها ونظام ريحها، وتقوم عوامل إقليمها الأساسية على تناوب الريح البرية والريح البحرية، وعلى كثرة الزوابع وعلى ارتفاع حرارة الماء إلى 26 درجة، وعلى عدم وجود أشهر جفاف، وعلى ما يصاب به ذلك السطح العظيم من تبخر.
ولا عمل لسواعدها
10
في ذلك، ومن السواعد ما يأتيها من ثلاث جهات مع ذلك، ولكن ليس لها سوى منفذ واحد، سوى منبع النيل في شمالها بالقرب من جنجا، وفي الشمال الشرقي تنزل سيول بانحدار قوي من إلغون، البركان المنزوي البالغ ارتفاعه أربعة آلاف متر، فتأتيها هذه السيول بماء غزير، ومن سواعدها الخمس عشرة ترى واحدة مهمة، فكان يطلق عليها اسم النيل؛ وسبب هذا هو أن من منطق الجغرافيين أن يذهب إلى أن أهم ساعدة لبحيرة هي النهر الذي يخرج منها، وأن يرى ذلك في أمر البحيرات الكبرى فضلا عن أمر صغرى البحيرات التي يمكن قياس جريانها ورؤيته من بعيد أيضا، وإذا كان هذا الرافد الغربي هو النيل وجب أن يجد أقرب مخرج له على مسافة 250 كيلومترا، والبرهان الوحيد الذي يذكر تأييدا لهذا الافتراض هو أن السكان الأصليين يسمونه «أم نهر جنجا».
ورافد بحيرة فيكتورية ذلك - ويدعى كاجيرا - هو نهر كبير، هو نهر عظيم حتى عند عدم حمله لاسم النيل، ويبلغ طوله سبعمائة كيلومتر، ويستنزف مياه معظم الهضبة الواقعة غرب تلك البحيرة، وتتعذر الملاحة في منافذه الثلاثة بغير الزوارق لتحول هذه المنافذ بحسب علو النبات الذي تجيء به من الجبال، وتبصر بعد مسافة صالحة للملاحة كثيرة العرض في بعض الأحيان، من الفلوع
11
صفحه نامشخص