وقال الفرغوم لرائد إنكليزي، والفرغوم أكلة لحوم البشر في أفريقية الغربية: «النانغ في كل موضع، هو فينا وفيك، هو الروح الخفية التي تنتقل بعد الموت إلى حيوان لنا، لا إلى إنسان، نحن لا نذبح بقرة، ولكننا إذا ما أكلنا إنسانا لم يكن هنالك ما نخشاه من أكل نانغنا الخاص.»
ولم نلوم أناسا ذلك مدى ذوقهم وكرامتهم على قسوتهم؟ أفلم يكن أكل عدو أكثر ملاءمة للطبيعة من أكل دجاج أو خنزير مدة سنوات؟ ألا تبقى حية تلك المناظر في أخيلة هؤلاء النصارى الحاقدين الذين تحول العادات الحاضرة وحدها دون افتراسهم من يؤدي تعذيبهم إلى تمتعهم بأعظم اللذات في الزمن الراهن؟
الفصل الرابع عشر
لم تكد عادات زنوج النيل تتغير مع الاتصال بالبيض والأحباش، وبتلك العادات ننفذ في غابة المشاعر البشرية البكر، ومن غير استبعاد لتناقضها باسم الأخلاق نرى هذا التناقض هو من تعذر التفسير كالتناقض في أخلاق الإنسان الأبيض.
وهم إذا ما عزوا إلى عجوز تصرفا سيئا نزعوا المرارة
1
منها عن جهل عادين إياها مقرا للسحر كما كان يصنع أغارقة العصر الأوميري البعيدين من أولئك ألوف الفراسخ والسنين، ولا يذبح أولئك الناس أنعامهم مقدسين لها مع ذلك، وإذا هلكت بقرة لدى الدنكا فطبخت ابتعد صاحبها ولم يشترك في الطعام منها، وإذا تم لهم نصر أفرطوا في الأكل وانهمكوا في السكر، ولكن مع العناية بالأسير، ومن الرجال كثير يتركون لنسائهم كل حرية في عالم الغرام، لا في حقل العمل، وهم لا يضربونهن إلا عند رداءة الطحن، لا بسبب عشاقهن، ولا يحق للرجل من البونغو أن يتزوج أكثر من ثلاث نسوة، وهو إذا ما تزوجهن ظل وفيا لهن، وإذا وضعت بنت ولدا للمادي وجب عليه أن يتزوجها، والمرأة من البانجورو هي - بالعكس - تشتري من يزني بها بجرة جعة، ومن الزنوج قبائل تحكم على الغاوي بغرامة تعدل قيمة المرأة.
وهذه هي عادة لا يوصى البيض بها كثيرا، وهنا تبصر السود أعلى ذوقا من البيض، فبينما ترى نساء الوجهاء من البيض في أوروبة يفعلن ما يردن تبصر الزنوج - حتى ذوات الأخلاق الهينة من قبائلهم - لا ينظرون بعين التسامح إلى من يكن غير وفيات من أزواج الرؤساء وذوي الجاه منهم.
ويحمل الشلك بعد وضع الولد الأول نساءهم على بيان أسماء من كانوا يعاشرونهن، فيلزم كل عاشق بتقديم بقرة إلى الزوج تكفيرا عن خطاياه وحلا جديدا للشرف الجنسي، وإذا كان للمرأة عدة عشاق وكانت جريئة أخذت قبضة من التراب ونثرتها في الهواء وقالت صارخة: «هذا هو عدد من كان منهم.» وهنالك يشتم الزوج أمها معاقبا على سوء تربيتها لها.
ومن الزنوج قبائل قليلة تقتل العجائز لعدهن من السواحر، ومنهم قبائل تبجلهن، ومن ذلك أنه يقام احتفال في آخر الصيد الأكبر فترقص أم الصائد الظافر وحدها عارية بين الجمهور فيهتف الجمهور قائلا: «انظروا إلى الجسم الذي حمل الصياد الأعظم.» ومن الزنوج قبائل تضع أحد الأولاد على المنضاج
صفحه نامشخص