ما تميل" إليه أفئدة الصرائم، إذ كمالها فيه واشتغالها بعد مفارقة أجسادها به حين يحال بينهما وبين الأفهام، ويمنع عنها هواها، فلولا لها ما يشغلها عنها ويذهلها عن دوافعها لكانت معذبة دائما بالالتفات إليها، كالمغرم الفارع الممنوع.
وإلى هذا المعنى وقعت الإشارة في التنزيل: ﴿وأنى لهم التناوش من مكان بعيد﴾. ﴿وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب﴾.
ثم لا يخفى عليك أن العلوم تتفاوت مراتبها وشرفها، بسبب معلوماتها ومسيس الحاجة إليها، واحتياج غيرها من العلوم إليها وخاصة ضدها، ووثاقة براهينها وقواعدها، ففي بعضها قد يوجد كل هذه الجهات كما في العلم الإلهي الباحث عن الوجود المطلق وهو العلم الأعلى والأعم، ولا شك أنه أشرف العلوم وأنفسها، إذ فيه يطالعنا جلال الله وكبرياؤه الذي فيه أنواع السرور والحبور، وليس للعقول عنه تجاوز وعبور، بل تبقى فيه حائرة، وعن كل ما سواه غائبة، وعن غيبتها فائتة، فتكون في مقام فناء الفناء ناطقة بلسان الحال لا بلسان المقال ليس في الوجود سوى الله أو سبحاني ما أعظم شأني أو أنا الحق، ومعرفة الجواهر النورانية كالعقول والنفوس وسائر الممكنات التي لا تنفد عجائبها، ولا تنتهي غرائبها. وقد يوجد في بعضها أكثرها كما في أصول الفقه، أما مسيس الحاجة إليه فلاحتياج الفقه إليه المحتاج
1 / 4