وأيضا الوجوب معين فيستدعي معينا، وليس الكل ولا كل واحد، وكذا الثواب على الفعل والعقاب على الترك، فإذا الواجب واحد معين" أقول: احتج الذاهب إلى أن الواجب واحد معين بأن فعل الواجب له صفات وهي إسقاط الفرض وكونه واجبا واستحقاق ثواب الواجب وتركه أيضا له خاصة، وهي استحقاق العقاب، وهذه الأربعة تدل على أنه واحد معين، ثم ذكر المصنف هذه الأوصاف على هذا الترتيب فبدأ بإسقاط الفرض وعبر عنه بالامتثال فقال: إذا أتى المكلف بالخصال جميعها في وقت واحد فلا شك في كونه ممتثلا، وهذا الامتثال لا جائز أن يكون معللا بالكل من حيث هو كان على معنى أنه يكون المجموع هو العلة في إسقاط الواجب، وكل واحد جزءا من أجزاء العلة، وهو المسمى بالكل المجموع؛ لأنه يلزم أن يكون الكل واجبا، ولا جائز أن يكون معللا بكل واحد وهو المسمى بالكل التفصيلي؛ لأنه يلزم اجتماع مؤثرات وهي الإعتاق والصيام والإطعام على أثر واحد وهو الامتثال وذلك محال؛ لأن إسناده إلى هذا يستغنى به عن إسناده إلى ذلك، وإسناده إلى ذلك يستغنى به عن إسناده إلى هذا، فيستغنى بكل منهما عن الآخر ويفتقر لكل منهما بدلا عن الآخر، فيكون محتاجا إليهما معا وغنيا عنهما معا، ولا جائز أن يكون الامتثال معللا بواحد غير معين؛ لأنه لا وجود إذ كل موجود فهو في نفسه متعين ولا إبهام البتة في الوجود الخارجي، إنما الإبهام في الذهن فقط، فإذا انتفى ذلك كله تعين أن الامتثال حصل بواحد معين عند الله تعالى مبهم عندنا وهو المطلوب. قوله: "وأيضا الوجوب معين ... إلخ" هذا دليل ثان على أن الواجب واحد معين وهو الوصف الثاني من جملة الأوصاف المتقدم ذكرها، وتقريره من وجهين أحدهما: أن الحكم الشرعي متعلق بفعل المكلف، والوجوب حكم معين من بين الأحكام الخمسة وهي معنى من المعاني فيستدعي محلا معينا يتعلق به، ويوصف ذلك المحل بأنه واجب؛ لأن غير المعين لا يناسب المعين ولا وجود له أيضا في نفسه، فيمتنع وصفه بالوجوب لاستحالة إنصاف المعدوم بالصفة الثبوتية فبطل أن يكون غير معين، ولا جائز أن يكون المعين هو الكل ولا كل واحد لعدم وجوبه، فتعين أن يكون واحدا وهو المطلوب، التقرير الثاني: أن الفعل المأمور به يسقط الحكم المتعلق بالشخص، والوجوب حكم معين من بين الأحكام الخمسة، فيستدعي فعلا معينا يسقط به ويأتي ما قلناه بعينه ... إلخ، والتقرير الأول: هو المذكور في المحصول والحاصل وغيرهما، ولكن فيه بعض تغيير للمذكور، وصرح الإمام بأن ذلك فيما إذا أتى بالكل معا، ويحتمل فرضه أيضا قبل الإخراج. قوله: "وكذا الثواب على الفعل والعقاب على الترك" هذا هو الوصف الثالث. والرابع من الأوصاف المتقدمة للواجب الدالة على أن الواجب واحد العين، وتقريره: أنه إذا أتى بالكل فلا شك في أنه يثاب ثواب الواجب، وذلك لا جائز أن يكون على الكل، ولا على كل واحد، ولا على واحد لا بعينه لما تقدم، فتعين أن يكون على واحد معين فيكون الواجب واحدا معينا، وكذلك إذا ترك
1 / 38