ابن الرفعة في الكفاية، والنووي في شرح المهذب، ولا نعلم فيه خلافا. قوله: "وإلا فعزيمة" أي: وإن ثبت الحكم، لكن لا على خلاف الدليل لعذر فهو العزيمة، فيعلم بذلك أن العزيمة في الاصطلاح هو الحكم الثابت، لا على خلاف الدليل كإباحة الأكل والشرب، أو على خلاف الدليل لكن لا لعذر كالتكاليف، وأما في اللغة فهو القصد المؤكد، ومنه: عزمت على فعل الشيء، قال الجوهري: عزمت على كذا عَزما وعُزما -بالضم- وعزيمة وعزيما، إذا أردت فعله وقطعت عليه، قال الله تعالى: ﴿فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ [طه: ١١٥] جزمًا، وههنا بحثان، أحدهما: أن المصنف قد تبع صاحب الحاصل في جعل الرخصة والعزيمة قسمين للحكم، وذكر القرافي في كتبه أيضا مثله، وجعلهما غير هؤلاء من أقسام الفعل منهم الآمدي وابن الحاجب، وأما الإمام فقال في المحصول: الذي يجوز للمكلف الإتيان به، إما يكون عزيمة أو رخصة، هذا لفظه بحروفه، وذكر في المنتخب أيضا مثله فإنه قسم المباح إلى الرخصة والعزيمة، وأراد بالمباح تفسير الأقدمين، وهو ما يجوز فعله واجبا كان أو غيره، وكلام التحصيل أيضا قريب منه، ونقل القرافي عن المحصول أنه فسر الرخصة بجواز الإقدام على الفعل مع قيام المانع والعزيمة بجواز الإقدام مع عدم المانع، وهذا غلط على المحصول، فإنه إنما فسره بالفعل. البحث الثاني: أن حد العزيمة في كلام المصنف يدخل فيه الأحكام الخمسة، والإمام فخر الدين في المحصول وغيره جعلها تطلق على الجميع ما عدا المحرم، فإنه جعل موردا لتقسيم الفعل الجائز كما تقدم والقرافي خصها بالواجب والمندوب لا غير، فقال في حدها: طلب الفعل الذي لم يشتهر فيه مانع شرعي، قال: ولا يمكن أن يكون المباح من العزائم، فإن العزم هو الطلب المؤكد فيه، ومنهم من خصها بالواجب فقط وبه جزم الغزالي في المستصفى والآمدي في الأحكام ومنتهى السول وابن الحاجب في المختصر الكبير، ولم يصرح بشيء في المختصر الصغير فقالوا: العزيمة ما لزم العباد بإيجاب الله تعالى وكأنهم احترزوا بإيجاب الله تعالى عن النذر، ولم يذكر ابن الحاجب هذا القيد.
الفصل الثالث: في أحكام الحكم الشرعي المسألة الأولى ... الفصل الثالث: قال: "الفصل الثالث: في أحكامه وفيه مسائل: المسألة الأولى: الوجوب قد يتعلق بمعين وقد يتعلق بمبهم من أمور معينة، كخصال الكفارة ونصب أحد المستعدين للإمامة، وقالت المعتزلة: الكل واجب على أنه لا يجوز الإخلال بالجميع، ولا يجب الإتيان به فلا خلاف في المعنى، وقيل: الواجب معين عند الله تعالى دون الناس، ورد بأن التعيين يحيل ترك ذلك الواحد والتخيير يجوزه، وثبت اتفاقا في الكفارة فانتفى الأول، قيل: يحتمل أن المكلف يختار المعين أو يعين ما يختاره أو يسقط بفعل غيره، وأجيب عن الأول بأنه يوجب تفاوت المكلفين فيه، وهو خلاف النص والإجماع، وعن الثاني بأن الوجوب قبل اختياره، وعن الثالث بأن الآتي بأيها آتٍ بالواجب إجماعا" أقول: عقد المصنف هذا الفصل لأحكام الحكم الشرعي، وجعله مشتملا على سبع مسائل، والإمام فخر الدين ذكر ذلك
الفصل الثالث: في أحكام الحكم الشرعي المسألة الأولى ... الفصل الثالث: قال: "الفصل الثالث: في أحكامه وفيه مسائل: المسألة الأولى: الوجوب قد يتعلق بمعين وقد يتعلق بمبهم من أمور معينة، كخصال الكفارة ونصب أحد المستعدين للإمامة، وقالت المعتزلة: الكل واجب على أنه لا يجوز الإخلال بالجميع، ولا يجب الإتيان به فلا خلاف في المعنى، وقيل: الواجب معين عند الله تعالى دون الناس، ورد بأن التعيين يحيل ترك ذلك الواحد والتخيير يجوزه، وثبت اتفاقا في الكفارة فانتفى الأول، قيل: يحتمل أن المكلف يختار المعين أو يعين ما يختاره أو يسقط بفعل غيره، وأجيب عن الأول بأنه يوجب تفاوت المكلفين فيه، وهو خلاف النص والإجماع، وعن الثاني بأن الوجوب قبل اختياره، وعن الثالث بأن الآتي بأيها آتٍ بالواجب إجماعا" أقول: عقد المصنف هذا الفصل لأحكام الحكم الشرعي، وجعله مشتملا على سبع مسائل، والإمام فخر الدين ذكر ذلك
1 / 35