تقتضي ولكنه لا يرد عليه، فإنه ذكر في أول التقسيم أن العبادة توصف بالأداء والقضاء والإعادة، ولم يخصها بالواجب، ثم قال: فالواجب إذا أدي في وقته سمي أداء إلى آخر ما قال، فسلمنا أن تذكر الواجب من باب التمثيل فقط، وقد وقعت أغلاط عدة لكثير من الشراح في هذه المسألة فاجتنبها واعتمد ما ذكرته. قوله: "وجب أداؤه ... إلخ" يعني أن القضاء على أقسام، تارة يكون أداؤه واجبا كالظهر المتروكة قصدا بلا عذر، وتارة لا يجب أداؤه ولكنه كان ممكنا كصوم المسافر والمريض، وتارة لا يجب لا يمكن أيضا، أما من وجهة العقل كصلاة النائم والمغمى عليه في رمضان من أول الوقت إلى آخره؛ لأن القصد إلى العبادة مستحيل عقلا مع الغفلة عنها لأنه جمع بين النقيضين، وأما من وجهة الشرع كصوم الحائض، فإن المانع من صحة صومها هو الشرع لا العقل. قوله: "ولو ظن المكلف ... إلخ" إذا ظن المكلف أنه لا يعيش إلى آخر الوقت الموسع تضيق عليه الوقت اتفاقا، وحرم عليه التأخير اعتبارا بظنه، وصورة ذلك أن يطالب أولياء الدم مثلا باستيفاء الدم من الجاني فيحضره الإمام أو نائبه، ويحضر الجلاد ويأمر بقتله، ومثله أيضا ما إذا اعتادت المرأة أن ترى الحيض بعد مضي أربع ركعات بشرائطها من وقت الظهر، فإن الوقت يتضيق عليها، نص عليه إمام الحرمين في النهاية في الكلام على مبادرة المستحاضة إذا تقرر ذلك، فإن عصى ولم يفعل فاتفق أن أولياء الدم عفوا عنه أو لم يأت الحيض ففعله في وقته الأصلي، لكن بعد الوقت المضيق بحسب ظنه فهو قضاء عند القاضي أبي بكر؛ لأنه أوقعه بعد الوقت المضيق عليه شرعا، وأداء عند حجة الإسلام الغزالي لأنه وقع في وقته المعين بحسب الشرع، وأما ظنه فقد تبين خطؤه فلا اعتبار به.
التقسيم السادس: "السادس: الحكم إن ثبت على خلاف الدليل لعذر فرخصة، كحل الميتة للمضطر والقصر والفطر للمسافر واجبا ومندوبا ومباحا، وإلا فعزيمة" أقول: هذا تقسيم آخر للحكم باعتبار كونه على وفق الدليل أو خلافه، وحاصله: أن الحكم ينقسم إلى رخصة وعزيمة، فالرخصة في اللغة التيسير والتسهيل، قال الجوهري: الرخصة في الأمر خلاف التشديد فيه، ومن ذلك: رخص السعر إذا سهل وتيسر وهي بتسكين الخاء وحكي أيضا ضمها، وأما الرخصة بفتح الخاء، فهو الشخص الآخذ بها كما قاله الآمدي. وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف، وهو الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر، فالحكم جنس وقول الثابت إشارة إلى أن الترخص لا بد له من دليل، وإلا لزم ترك العمل بالدليل السالم عن المعارض، فنبه عليه بقوله الثابت؛ لأنه لو لم يكن لدليل لم يكن ثابتا بل الثابت غيره. قوله: "على خلاف الدليل" احترز به عما أباحه الله تعالى من الأكل والشرب وغيرهما، فلا يسمى رخصة لأنه لم يثبت على المنع منه دليل كما سيأتي في الأفعال الاختيارية، وأطلق المصنف الدليل ليشمل ما إذا كان الترخيص بجواز الفعل خلاف الدليل المقتضي للتحريم، كأكل الميتة، وما إذا كان بجواز الترك،
التقسيم السادس: "السادس: الحكم إن ثبت على خلاف الدليل لعذر فرخصة، كحل الميتة للمضطر والقصر والفطر للمسافر واجبا ومندوبا ومباحا، وإلا فعزيمة" أقول: هذا تقسيم آخر للحكم باعتبار كونه على وفق الدليل أو خلافه، وحاصله: أن الحكم ينقسم إلى رخصة وعزيمة، فالرخصة في اللغة التيسير والتسهيل، قال الجوهري: الرخصة في الأمر خلاف التشديد فيه، ومن ذلك: رخص السعر إذا سهل وتيسر وهي بتسكين الخاء وحكي أيضا ضمها، وأما الرخصة بفتح الخاء، فهو الشخص الآخذ بها كما قاله الآمدي. وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف، وهو الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر، فالحكم جنس وقول الثابت إشارة إلى أن الترخص لا بد له من دليل، وإلا لزم ترك العمل بالدليل السالم عن المعارض، فنبه عليه بقوله الثابت؛ لأنه لو لم يكن لدليل لم يكن ثابتا بل الثابت غيره. قوله: "على خلاف الدليل" احترز به عما أباحه الله تعالى من الأكل والشرب وغيرهما، فلا يسمى رخصة لأنه لم يثبت على المنع منه دليل كما سيأتي في الأفعال الاختيارية، وأطلق المصنف الدليل ليشمل ما إذا كان الترخيص بجواز الفعل خلاف الدليل المقتضي للتحريم، كأكل الميتة، وما إذا كان بجواز الترك،
1 / 33