الحرام أيضا معصية وذنبا وقبيحا ومزجورا عنه ومتوعدا عليه من الشرع. قوله: "والمكروه: ما يمدح تاركه" أي: فعل يمدح تاركه، فالفعل جنس للأحكام الخمسة قوله: "يمدح" خرج به المباح فإنه لا مدح فيه قوله: "تاركه" خرج به الواجب والمندوب قوله: "ولا يذم فاعله" خرج به الحرام، أما المباح فهو في اللغة عبارة عن الموسع فيه، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف بقوله: ما أي فعل وهو جنس للخمسة وقوله: لا يتعلق بفعله وتركه مدح ولا ذم خرج به الأربعة، فإن كلا منها تعلق بفعله أو تركه مدح أو ذم، فإن الواجب تعلق بفعله المدح، وبتركه الذم، والحرام عكسه والندب تعلق بفعله المدح ولم يتعلق بتركه الذم، والمكروه عكسه أي: تعلق بتركه المدح ولم يتعلق بفعله الذم، وهذه الألفاظ الأربعة التي ذكرها المصنف وهي: الفعل والترك والمدح والذم، بد من كل واحد منها إلا الذم؛ لأنه لو قال: ما لا يتعلق بفعله مدح ولا ذم لكان يرد عليه المكروه، فإن فعله لا مدح فيه ولا ذم، ولو قال: ما يتعلق بتركه مدح ولا ذم لكان يرد عليه المندوب ولو أتى بهما أيضا ولكنه حذف المدح فقال له: ما لا يتعلق بفعله وتركه ذم لكان يرد عليه المكروه والمندوب، وأما الذم فإنه لو حذفه فقال: ما لا يتعلق بفعله وتركه مدح لما كان يرد عليه شيء، فهي إذًا زيادة في الحد والحدود تصان عن الحشو والتطويل، وأيضا فقد تقدم أن هذه رسوم للأفعال التي تعلقت بها الأحكام الشرعية وتقدم أن تلك الأفعال هي أفعال المكلفين، فيكون المباح قسما من أفعال المكلفين، وعلى هذا فأفعال غير المكلفين كالنائم والساهي، ليست من المباح مع أن الحد صادق عليها فالحد إذًا غير مانع، وأيضا فقد تعرض المصنف بقوله: شرعا في رسمي الواجب والحرام دون رسم المندوب والمكروه والمباح، مع أن المدح على الفعل في المندوب وعلى الترك في المكروه لا يثبت عندنا إلا بالشرع، وكذلك نفي المدح والذم عن المباح، فالصواب ذكرها في الجميع كما فعله صاحب الحاصل والتحصيل، نعم في المحصول كما في المنهاج إلا أنه أشار إليه في المندوب أيضا وقد وقعت هنا أغلاط في عدة من الشروح المشهورة فاجتنبها، قال في المحصول: ويسمى المباح أيضا طلاقا وحلالا.
التقسيم الثاني: قال: "الثاني: ما نهي عنه شرعا فقبيح وإلا فحسن، كالواجب والمندوب والمباح وفعل غير المكلف، والمعتزلة قالوا: ما ليس للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله وما له أن يفعله، وربما قالوا: الواقع على صفة توجب الذم أو المدح، فالحسن بتفسيرهم الأخير أخص" أقول: هذا القسم ليس داخلا في المقسم أو لأن المقسم في قوله: الفصل الثاني في تقسيمه إنما هو الحكم، والقبيح والحسن من الأفعال لا من الأحكام، وهو رد التقسيم لا بد أن يكون مشتركا بين أقسامه وأعم منها، وإن شئت قلت: لا بد أن يكون صادقا عليها ومغايرا لها، لا جرم أن صاحب الحاصل قال: الفصل الثاني في تقسيم الأحكام ومتعلقاتها، لكن في المحصول والتحصيل كما في المنهاج، ولعل العذر في
التقسيم الثاني: قال: "الثاني: ما نهي عنه شرعا فقبيح وإلا فحسن، كالواجب والمندوب والمباح وفعل غير المكلف، والمعتزلة قالوا: ما ليس للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله وما له أن يفعله، وربما قالوا: الواقع على صفة توجب الذم أو المدح، فالحسن بتفسيرهم الأخير أخص" أقول: هذا القسم ليس داخلا في المقسم أو لأن المقسم في قوله: الفصل الثاني في تقسيمه إنما هو الحكم، والقبيح والحسن من الأفعال لا من الأحكام، وهو رد التقسيم لا بد أن يكون مشتركا بين أقسامه وأعم منها، وإن شئت قلت: لا بد أن يكون صادقا عليها ومغايرا لها، لا جرم أن صاحب الحاصل قال: الفصل الثاني في تقسيم الأحكام ومتعلقاتها، لكن في المحصول والتحصيل كما في المنهاج، ولعل العذر في
1 / 25