لأن أو ههنا ليست للشك بل هي لأقسام المحدود وهو الحكم، كما تقول: الكلمة: اسم أو فعل أو حرف يدل عليه تعبيركم بالترديد ولا بالتردد، فإن قولنا: تردد في الشيء ترددا يستدعي الشك فيه بخلاف ردد بين الشيئين ترديدا، فإنه لا يستلزمه لصحة استعماله في التقسيم، وفي تعبير المصنف نظر لأنه إن عنى بالترديد ما قلناه فهو واقع في أجزاء الحد ضرورة فكيف يقول: لا في الحد، وإن عنى به الشك فهو منتفٍ عن أقسامه قطعا، ولو اقتصر على قوله: والتردد في أقسام المحدود لاستقام، وقد يجاب عن هذا بأن يقال: المراد بالتردد التقسيم كمما قلناه ولا نسلم أنه واقع في الحد وذلك لأن الترديد إنما هو في أحدهما معين وأحدهما معين أخص من أحدهما مطلقا، فيكون غيره وأحدهما مطلقا هو المعتبر في الحد، ولم يقع فيه ترديد فلا ترديد في الحد، إنما الترديد في الاقتضاء والتخيير اللذين هما من أقسام المحدود الذي هو الحكم، وإلى هذا أشار في المحصول فإنه أجاب عن أصل السؤال بقولنا: قلنا: مرادنا أن كل ما وقع على أحد الوجوه كان حكما.
الفصل الثاني: تقسيماته التقسيم الأول: قال: "الفصل الثاني في تقسيماته، فالأول: الخطاب إن اقتضى الوجود ومنع النقيض فوجوب، وإن لم يمنع لندب وإن اقتضى الترك بمنع النقيض فحرمة وإلا فكراهة، وإن خير فإباحة" أقول: لما فرغ من تعريف الحكم شرع في تقسيماته وهو ينقسم باعتبارات مختلفة إلى تقسيمات ستة، الأول: باعتبار الفصول التي صيرت أقسامه أنواعا خمسة، فقول في تقسيمه أي: في تقسيم الحكم ثم إنه لما قدم أن الحكم هو خطاب الله تعالى ... إلخ صح التقسيم في الخطاب وأن كلامه في تقسيم الحكم وقرن الخطاب بالألف واللام لإفادة المعهود السابق وهو خطاب الله تعالى، وحاصله: أن خطاب الله تعالى قد يكون فيه اقتضاء، وقد يكون فيه تخيير كما تقدم، فإن اقتضى شيئا نظر إن اقتضى وجوب الفعل ومنع من نقيضه وهو الترك، فإنه الوجوب وإن اقتضى الوجود ولم يمنع من الترك فهو الندب، وإن اقتضى الفعل ومنع من نقيضه وهو الإتيان به فهو الحرمة، وإن اقتضى الترك لكن لم يمنع من الإتيان به الكراهة، وإن كان الخطاب لا يقتضي شيئا بل خيرنا بين الإتيان والترك فهو الإباحة، وهذا التقسيم يعلم منه الحدود، فالإيجاب مثلا طلب الفعل مع المنع من الترك، وأمثلة الباقي لا تخفى وهو تقسيم محدد لا إيراد عليه لكن تعبير المصنف بالوجوب والحرمة لا يستقيم بل الصواب الإيجاب والتحريم؛ لأن الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى كما تقدم، والخطاب إنما يصدق على الإيجاب والتحريم لا على الوجوب والحرمة؛ لأنهما مصدر وجب وحرم، والإيجاب والتحريم مصدران لأوجب وحرم بتشديد الراء، فمدلول خاطبنا الله تعالى بالصلاة مثلا هو أوجبها علينا وليس مدلوله وجبت، نعم إذا أوجبها فقد وجبت وجوبا قال: "ويرسم الواجب بأنه الذي يذم شرعا تاركه قصدا مطلقا، ويرادفه الفرض وقالت الحنفية: الفرض ما ثبت بقطعي والواجب بظني".
الفصل الثاني: تقسيماته التقسيم الأول: قال: "الفصل الثاني في تقسيماته، فالأول: الخطاب إن اقتضى الوجود ومنع النقيض فوجوب، وإن لم يمنع لندب وإن اقتضى الترك بمنع النقيض فحرمة وإلا فكراهة، وإن خير فإباحة" أقول: لما فرغ من تعريف الحكم شرع في تقسيماته وهو ينقسم باعتبارات مختلفة إلى تقسيمات ستة، الأول: باعتبار الفصول التي صيرت أقسامه أنواعا خمسة، فقول في تقسيمه أي: في تقسيم الحكم ثم إنه لما قدم أن الحكم هو خطاب الله تعالى ... إلخ صح التقسيم في الخطاب وأن كلامه في تقسيم الحكم وقرن الخطاب بالألف واللام لإفادة المعهود السابق وهو خطاب الله تعالى، وحاصله: أن خطاب الله تعالى قد يكون فيه اقتضاء، وقد يكون فيه تخيير كما تقدم، فإن اقتضى شيئا نظر إن اقتضى وجوب الفعل ومنع من نقيضه وهو الترك، فإنه الوجوب وإن اقتضى الوجود ولم يمنع من الترك فهو الندب، وإن اقتضى الفعل ومنع من نقيضه وهو الإتيان به فهو الحرمة، وإن اقتضى الترك لكن لم يمنع من الإتيان به الكراهة، وإن كان الخطاب لا يقتضي شيئا بل خيرنا بين الإتيان والترك فهو الإباحة، وهذا التقسيم يعلم منه الحدود، فالإيجاب مثلا طلب الفعل مع المنع من الترك، وأمثلة الباقي لا تخفى وهو تقسيم محدد لا إيراد عليه لكن تعبير المصنف بالوجوب والحرمة لا يستقيم بل الصواب الإيجاب والتحريم؛ لأن الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى كما تقدم، والخطاب إنما يصدق على الإيجاب والتحريم لا على الوجوب والحرمة؛ لأنهما مصدر وجب وحرم، والإيجاب والتحريم مصدران لأوجب وحرم بتشديد الراء، فمدلول خاطبنا الله تعالى بالصلاة مثلا هو أوجبها علينا وليس مدلوله وجبت، نعم إذا أوجبها فقد وجبت وجوبا قال: "ويرسم الواجب بأنه الذي يذم شرعا تاركه قصدا مطلقا، ويرادفه الفرض وقالت الحنفية: الفرض ما ثبت بقطعي والواجب بظني".
1 / 21